اعتذرَ عن مصافحة الوزيرة الألمانية .. أحمد الشرع: كن كما أنت … د. عوض السليمان
وضع أحمد الشرع يده على صدره ممتناً لوزيرة الخارجية الألمانية، التي أُبلغت بدرورها أن القائد الجديد لا يصافح النساء. ولم تبدي الوزيرة أي ردة فعل سلبية بسبب ذلك.
من المعيب حقاً، أن تقوم محطات فضائية عالمية، بتخصيص البرامج والحوارات، حول هذا الموضوع. وإن كان معيباً من تلك المحطات، فإنه عار وفراغ إعلامي خطير، وجهل غامر، أن تقوم به المحطات الفضائية العربية، وأن يتناوله الإعلاميون العرب، الذين لم يروا من زيارة المسؤوليين الأوروبيين إلى دمشق إلا عدم مصافحة الشرع للنساء. بل أكثر من ذلك، فهم في الواقع قد اختصروا خمسين عاماً من الظلم والإجرام، واختصروا الثورة السورية كلها في تصرف الشرع ذلك.
انهالات الانتقادات الحادة على الرجل، واتهموه بالتشدد والرجعية، وبدؤوا يخووفون الأقليات من تعصبه وظلاميته، وتذكروا جميعاً أن هذا الرجل هو الجولاني وليس أحمد الشرع الذي قاد الثوار وحرر سوريا من حكم الأسد.
لكنهم نسوا أن وزير الخارجية الفرنسي خاطب المسيحيين من دمشق واجمتع بهم، ولم ينتبهوا أن الوزيرة الألمانية كانت قد صرحت قبل مجيئها لدمشق وبعد وصولها إليها، أن بلادها لن تدعم أي جماعات أو هياكل إسلامية.
عندما تجادلُ مثل هؤلاء، يقولون لك: إن الدين مسألة شخصية تنحصر بين العبد وربه، وليس لأي حكومة أن تفرضه على الناس، فذلك اعتداء على قناعاتهم وحرياتهم الشخصية، كما يخالف هذا القوانين والأعراف الدولية.
بهذا المنطق نفسه، نسألهم: أ ليس من حق الشرع إذاً ومن حريته الشخصية، أن يصافح النّساء أو ألا يفعل؟
لماذا يكون الهجوم على الإسلام، وانتقاد رموزه والتطاول على كتاب الله، حرية شخصية، ولا يكون تصرف الشرع بأنه لم يصافح السيدة أنالينا بيربوك، حرية شخصية؟
بكل حال، لم يعش هؤلاء المنتقدون في سجن صيدنايا يوماً، ولم يتعرضوا للبراميل، ولم يقتل أبناؤهم أمام أعينهم، ولم يكونوا أصلاً جزءا من هذه الثورة. فمن الطبيعي أن يعملوا على الإيقاع بها.
لا أرى أن تعليقات هؤلاء مسألة عابرة، فهم جزء من الثورة المضادة، إذ يسعون إلى بث الفرقة في المجتمع السوري، وتخويف الأقليات من القيادة الجديدة، وتصويرها على أنها امتداد فكري للإرهاب.
وهم وفي الوقت الذي يرون فيه أن إفطار رمضان علانية، ومنع رفع الأذان من المساجد مثلاً، حرية شخصية، يرون أن عدم مصافحة الشرع للنساء اعتداء على الأقليات وتشدد إسلامي.
يتكلمون عن دولة يريدها السوريون، ودستورٍ يوافق عليه الشعب، وشكلِ حكم يأتي بالانتخابات لا بالسلاح. لكنهم ومنذ الآن، خائفون من تلك الدولة وذلك النظام الذي ستأتي به الانتخابات.
نحذّر الشرع من هؤلاء، الذين سينقضّون بلا شك، على الثورة والدولة في حال لم توافق هواهم وأجندةَ من خلفهم. وسيحاولون الذهاب بسورية إلى ما صارت عليه بعض الدول الإقليمية، التي انقلب مفسدوها على الثورة وعلى صناديق الاقتراع، وتحولت إلى الاستبداد من جديد.
وخلاصة القول، فإننا نقول للشرع: كن كما أنت، لا كما يريدون.
رئيس التحرير