أعلن المدعي العام في بولوني سور مير، انتشال جثث 12 مهاجراً لقوا حتفهم أمس الثلاثاء في بحر المانش أثناء محاولتهم الوصول إلى إنكلترا، مشيراً إلى أن 10 منهم نساء ونصفهم من القاصرين. وتعتبر حادثة الغرق هذه الأسوأ في عام 2024، وهو العام الأكثر دموية منذ بدء عمليات العبور إلى المملكة المتحدة.

وصلت المحصلة النهائية لعدد ضحايا حادثة غرق قارب المهاجرين التي وقعت أمس الثلاثاء 3 أيلول/سبتمبر في المانش، إلى 12 قتيلا، فيما لا يزال شخصان في حالة خطيرة جداً، وفقا لوزير الداخلية المستقيل جيرالد دارمانين الذي ذهب إلى “بولوني سور مير” بعد ساعات قليلة من المأساة.

من جانبه، أشار المدعي العام في “بولوني سور مير”، غيريك لو براس، إلى أن المهاجرين “معظمهم إريتريون” ونصفهم قاصرون، موضحاً أن 10 جثث تعود إلى نساء.

 

صياد “بكى أثناء انتشال الجثث”

 

وذكرت المحافظة البحرية أن القارب الذي غادر صباح أمس من شاطئ “أمبليتيوس”، على بعد حوالي 10 كيلومترات شمال “بولوني سور مير”، واجه صعوبات نهاية الصباح وعلى متنه أكثر من 60 شخصا. وقال جيرالد دارمانان “كان لدى أقل من ثمانية أشخاص سترة نجاة قدمها المهربون”.

وتحطم القارب المطاطي الذي يبلغ طوله أقل من سبعة أمتار، في عرض البحر بسبب الحمولة الزائدة على متنه. وأكد صياد كان حاضراً في مكان المأساة لصحيفة “لا فوا دو نورد” المحلية، أنه “لم يتبق سوى مؤخرة القارب على وجه الماء، أما الباقي فقد غرق”. وشاركت طواقم الطوارئ ومروحيات البحرية وزورقي صيد وسفن عسكرية في عملية البحث التي استمرت عدة ساعات.

أعمال البحث والإنقاذ استمرت لعدة ساعات في أعقاب حادثة غرق قارب المهاجرين، 03 أيلول،سبتمبر 2024. المصدر: رويترز
أعمال البحث والإنقاذ استمرت لعدة ساعات في أعقاب حادثة غرق قارب المهاجرين، 03 أيلول،سبتمبر 2024. المصدر: رويترز

 

 

وتحدثت الصحيفة مع أكسل باهيو، رئيس شركة “موريكس” لصيد الأسماك، والتي كان بحارتها من أول الوافدين لموقع غرق قارب المهاجرين. وقال باهيو “كنا نوشك على نهاية يوم رائع من الصيد عندما سمعنا نداء الاستغاثة من مركز غري-ني الإقليمي للمراقبة والإنقاذ، في تمام الساعة الـ11 صباحاً”.

وشرح باهيو أنهم وعند وصولهم إلى مكان الحادث “كان الجو هادئا، ولم تكن هناك صرخات. لقد رأينا سترات النجاة في كل مكان. أردنا فقط إنقاذ الناس”.

وبينما كانت تقوم فرق الإنقاذ بالبحث عن ناجين، وجد الصيادون أنفسهم أمام مهمة انتشال جثث الغرقى، يتابع باهيو “سمبا (أحد الصيادين) كان يبكي أثناء انتشاله الجثث. قمنا بالبحث لأكثر من ساعة عن أي ناجين”، مضيفاً أنهم انتشلوا جثة فتاة لا يتجاوز عمرها 15-20 عاما، وكان هاتفها في حقيبة بلاستيكية مقاومة للماء، وكانت تتلقى اتصالات بشكل مستمر”.

وأنهى الصياد كلامه قائلاً “أعلم أن هذه الصور لن تغادر أذهاننا أبدا. كان عمر الأشخاص الذين انتشلناهم حوالي 20 عاما، كانوا أطفالا”.

 

العام الأكثر دموية في المانش

 

وفتحت السلطات تحقيقا في هذه الحادثة، لا سيما في قضية القتل غير العمد. ولم يتم إجراء أي اعتقالات حتى هذه المرحلة.

وتعد هذه الحادثة الأكثر دموية في عام 2024، وهو بالفعل عام قياسي مع 37 حالة وفاة منذ بداية العام، مقارنة بـ12 في عام 2023. وفي عام 2021، توفي 30 مهاجرا في المانش، بما في ذلك 27 في نفس الحادثة التي وقعت في تشرين الثاني/نوفمبر.

 

 

ودعا دارمانان، الذي كان “متأثراً بالتفكير بالضحايا وعائلاتهم”، إلى توقيع “معاهدة للهجرة بين بريطانيا العظمى والاتحاد الأوروبي” لمحاولة وضع حد لقوارب المهاجرين. وفي لندن، وصفت الحكومة البريطانية وفاة هؤلاء المهاجرين بأنها “مروعة ومأساوية للغاية”.

ومن جانبهم، وجه العاملون في المجال الإنساني أصابع الاتهام إلى السياسات التي وضعتها الحكومات الفرنسية والبريطانية المتعاقبة لمحاولة وقف قوارب المهاجرين. ونددت شارلوت كوانتس، من جمعية مساعدة المهاجرين “يوتوبيا 56″، بسياسة القمع التي تمارسها الشرطة على الساحل الفرنسي، معتبرة إياها “غير فعالة على الإطلاق (…) وتؤدي إلى حوادث ومآسي (…) مرارا وتكرارا”.

ونظم حوالي 15 ناشطا من “يوتوبيا 56” مسيرة عند وصول الوزير إلى المنطقة، ورفعوا لافتة كتب عليها “الوفيات على الحدود، دول مذنبة”، قبل أن تصدهم الشرطة وهم يهتفون “دارمانان أيديك ملطخة بالدماء”.