في ضاحية فيتري سور سين، جنوب العاصمة باريس، شارك 250 عنصراً أمنياً في إخلاء مبنى مهجور كان يعيش فيه حوالي 450 مهاجراً، وأرسلت المحافظة المهاجرين في حافلات إلى مناطق أخرى خارج العاصمة. وتأتي هذه العملية في ظل تحضيرات السلطات للألعاب الأولمبية والحملات التي تطلقها لإخلاء باريس من المخيمات العشوائية.

أخلت السلطات الفرنسية صباح اليوم الأربعاء، أكبر مبنى مهجور يسكنه مهاجرون في البلاد، حيث كان يأوي نحو 450 مهاجرا في الضواحي الجنوبية للعاصمة باريس، وذلك قبل 100 يوم من انطلاق الألعاب الأولمبية.

وتم تعبئة حوالي 250 عنصرا أمنياً لهذه العملية، وفقا لمحافظة “فال دو مارن”، التي أوضحت أن المهاجرين سيتم نقلهم وإيواؤهم في منطقة “إيل دو فرانس” ومناطق أخرى مثل مدينة بوردو.

وكان هذا المبنى في السابق المقر الرئيسي لشركة حافلات، ثم بدأت السيطرة عليه تدريجيا من قبل الأشخاص الذين تم إجلاؤهم من أماكن أخرى في “إيل دو فرانس”.

واستفاد المهاجرون من المبنى المكون من عدة طوابق، حيث وضعوا أسرّة ومراتب على الأرض، حتى تحت الدرج وفي الممرات بسبب ضيق المساحة. كما قاموا باختيار مجموعة من بينهم لتقوم بإدارة أمور المبنى وحل المشاكل التي قد تنشب بين المهاجرين أنفسهم.

 

 

 

وجرت العملية التي كانت منتظرة منذ عدة أيام، بسلام ودون أي مشاكل تذكر، خاصة وأن جزءاً من المهاجرين الذين كانوا في المبنى كانوا قد غادروا المكان قبل عملية الإخلاء.

وفي اتصال مع مهاجرنيوز، أوضح أحمد* وهو مهاجر تشادي يبلغ 28 عاماً، أن المهاجرين كانوا على علم قبل نحو 10 أيام بعملية الإخلاء، وبناء على ذلك، “غادر جزء كبير منا قبل قدوم الشرطة، لأننا نعيش في باريس منذ عدة سنوات واعتدنا على الحياة هنا، وبعضنا يعمل بشكل غير رسمي”.

وأضاف الشاب أن عملية الإخلاء لم تشهد أية مشاكل بين المهاجرين والشرطة وفقاً لما قاله له أصدقاؤه الذين بقوا في المكان، وأردف “الناس خائفون، في هذا المبنى كانوا يعيشون مع أصدقائهم واعتادوا على نظام الحياة في محيط يشبههم. أما الآن فالمستقبل مجهول، ووضعهم في المدن الجديدة ليس واضحاً. خاصة وأننا نعلم ما حدث مع رفاقنا الذين تم إخلاؤهم في الماضي وعادوا إلى الشارع”.

وفي إجابة على سؤال حول أسباب عملية الإخلاء برأيه، أجاب الشاب الذي كان منتدبا من قبل المهاجرين لإدارة شؤون المبنى، بأن “هذا القرار ليس من البلدية، لأن البلدية كانت على علاقة جيدة معنا، وتعلم أننا نظمنا أنفسنا بشكل جيد، هذا قرار من جهات أعلى لا تريد وجودنا في هذا المبنى”.

؟

؟

وفي نهاية شباط/فبراير الماضي، زار فريق مهاجرنيوز هذا المبنى، والتقى بالمهاجرين الذين كانوا على دراية تامة باحتمالات إجلائهم، لكنهم شاركوا مخاوفهم من الاضطرار للعودة إلى حياة الشارع دون مأوى.

؟

أزمة الحصول على مسكن

 

وحوالي الساعة؟ الثامنة صباحاً، غادر نحو 300 شخص، من بينهم رجال ونساء وأطفال، وهم يحملون حقائب يدوية تحتوي على متعلقاتهم منذ قدومهم إلى فرنسا.

وكان بعضهم يعيش في هذا المبنى منذ عدة أشهر وآخرون يعيشون منذ عدة سنوات، بسبب عدم العثور على مسكن في القطاع الخاص، أو أثناء انتظار الحصول على السكن الاجتماعي

ووفقا لجمعية “المهاجرين المتحدين”، التي كانت تقدم المساعدة للمهاجرين في المبنى بانتظام، فإن 80٪ منهم يقيمون بشكل قانوني في فرنسا.

ولعدة أشهر، كانت مجموعة “le Revers de la médaille” التي تضم جمعيات تساعد الأشخاص غير المستقرين الذين يعيشون في الشوارع، تحذر من مصير المشردين الذين يتم تفكيك مخيماتهم المؤقتة مع اقتراب موعد الألعاب الأولمبية في يوليو/تموز القادم.

وفي لقاء مع وكالة الأنباء الفرنسية، قال محمد سيد، وهو إريتري كان يعيش في هذا المبنى لمدة ثلاث سنوات، إنه لديه وضع لاجئ، ويعمل في الصيانة الكهربائية بعقد دائم، لكنه لا يستطيع العثور على مسكن. وتساءل “لا أستطيع القول بأنني كنت سعيداً هنا (في هذا المبنى)، ولكن إلى أين سأذهب الآن؟”.

ومن جانبه، غادر مولاي*، وهو شاب موريتاني كان يعيش في المبنى ذاته، يوم أمس. وشرح “منذ معرفتي بقرار الإخلاء، بدأت بالبحث عن مكان للإيجار، وبأعجوبة، تمكنت من استئجار غرفة بمبلغ 390 يورو شهرياً. لحسن حظي، بدأت العمل في مجال البناء، ولذلك يمكنني توفير هذا المبلغ”، واستدرك أن معظم المهاجرين الآخرين “لا يملكون هذا الخيار”.

؟

عمليات الإخلاء وعلاقتها بالألعاب الأولمبية

؟

وبحسب بول ألوزي، الذي يعمل في منظمة أطباء العالم، فإن عملية الإخلاء الجديدة هذه مرتبطة بالألعاب الأولمبية. وقال لوكالة الأنباء الفرنسية “نشهد عمليات إخلاء منذ عام وما زالت المناطق التي تم إخلاؤها فارغة”.

قبل 100 يوم من الألعاب الأولمبية، “نحن نطرد التشاديين والسودانيين والإريتريين والإيفواريين والغينيين الذين لديهم أوراق، وهم أشخاص يعملون بعقود دائمة، ولكننا لا نريد أن نؤجر لهم شققا. ويظل الحل الوحيد بالنسبة لهم هو العيش في المباني المهجورة نظرا لأنهم يعملون في إيل دو فرانس”.

وأشار ألوزي في اتصال مع مهاجرنيوز، إلى العمل الذي قامت به المحافظة، قائلاً “إنها إحدى عمليات الإخلاء التي تمت على أفضل وجه، لأنه كان هناك الكثير من العمل الذي تم تنفيذه مع المحافظة مسبقا. لكن عمليات كهذه تحمل عنفا رمزيا، لأن الكثير من هؤلاء الأشخاص سيجدون أنفسهم في الشارع في غضون أسابيع قليلة”.