كيف يستقبل السوريون الشتاء
طالما اشتهرت سوريا بالمأكولات الشهية والمميزة على مستوى العالم، ففي المائدة تتواجد كل أنواع الخضار السنوية في وقت واحد، حيث يبدأ السوريون كل سنة بعد انتهاء فصل الصيف بتحضير مؤونة “مونة” الشتاء ، يجهزونها من المأكولات المتنوعة التي تتوافر عادةً في فصل الصيف وتشتهر بها المناطق السورية.
“المونة”:
المونة هي كل أنواع الطعام التي يحفظها السوريون في أوقاتها الموسمية الطبيعية لضمان وجودها في الشتاء، وتشمل كلمة المونة الخضروات والبقوليات والمخللات والمربيات والحبوب والنباتات والسكر والزهور والأعشاب، وكثيراً ما تُغطي المونة حاجة أهل البيت لسنة واكثر، وهذه العادة تشمل كل المحافظات السورية.
قبل قيام الثورة السورية، كانت 90% من العائلات السوريات، وخاصة العائلات الريفية، قادرة على تجهيز “مونة” الشتاء بشكل كامل.
حيث تقوم المرأة السورية بتحضير المونة بكميات كبيرة تكفيها سنة وربما أكثر، من مختلف الأنواع” ألبان وخضار ومشروبات وبقوليات ومخللات وغيرها”
في ظل الحرب:
بعد تغير ظروف السوريين وتدهور الظروف المعيشية نتيجة الحرب، تغيرت معها طرق وكميات تجهيز مونة التشاء.
تقول أم عبدو عن “الدباركة: والتي تشتهر بها محافظة إدلب ” هي صنف أساسي لازم تكون موجودة كل يوم عالفطور طول السنة”.
مازالوا حتى الآن يعدونها في فصل الصيف من حليب العنز، تكمل أم عبدو:” حيث كنا في الماضي نعد كميات كبيرة منها ، فالغاز متوفر ورخيص والحليب ،أما اليوم بعد غلاء أسطوانة الغاز وارتفاع سعر الحليب أضعاف مضاعفة، لجأنا لإعدادها على النار والحطب والبعض على ”الببور ” بدل الغاز الأرضي ومع ذلك فهي مكلفة جدا ذلك دفعنا للتقليل من الكمية المعتادة .
وتضيف جارتها ” أم خالد ” عن” الفليفلة”، كنا نضع مؤونة الشتاء ما يقارب ال 10 ”شناتي” أي الأكياس هذا عندما كان الكيلو 25 ليرة سورية، أما اليوم 350 ليرة سورية الكيلو ،طبعا نقسم تلك الكمية على المطحونة والمجففة والدبس ، وتكمل أن ارتفاع سعرها بهذا الشكل: ” خلتنا نستغني عن نص الكمية ” لأنه تكلفة مؤونة الفليفلة على كبيرة.
وتشتهر مدينة إدلب الدباركة ، الفليفلة بأنواعها (مطحونة_جافة_دبس) ، السليقة أي سلق البرغل دبس البندورة ، المكدوس.
عن “المكدوس” تقول أم محمد وهي من دمشق , تحتاج إلى أسبوع لتجهيزها، بحيث تجتمع النسوة ليساعدن بعضهنّ، ويتم سلق الباذنجان “الحمصي أو الأسود”، ويملّح ويكبس بأشياء ثقيلة، ليصفّى من مائه، ثم يحشى بالجوز، والفليفلة الحمراء، ومن ثم يوضع في أوانٍ زجاجية، ويضاف إليه زيت الزيتون، وتجهز منه كميات كبيرة حسب أفراد العائلة.
ولكن في الوقت الحالي ارتفعت أسعار الباذنجان والجوز، مما اقتصرت المونة على ربع الكمية السابقة، وبعض السوريين استغنوا عالجوز نهائياً وبعضهم وضع الفستق بدل عنه، بسبب سوء الأحوال المادية.
وتشتهر مناطق دمشق وريفها: المكدوس اللبنه المدحرجة، القريشة المفطومة، المخلل، الزيتون، دبس الرمان، عصير الحصرم، اللحمة المسلية اللي بتصير بدل السمنه، السماق، الزعتر البري، العكوب، ورق العنبز
مونة الشتاء، لا تقتصر على الكشك والمكدوس، بل تشمل أصنافا عديدة من المخللات، والخضار (المقددة)، التي تقطّع، وتجفف تحت أشعة الشمس، مثل الباذنجان والبامياء والبندورة.
وفي موسم الحصاد تقوم الحاجة أم علي في ريف حمص: “كنا نعمد سابقاً على تخزين الحبوب، وصناعة البرغل بنوعيه الناعم والخشن، ومن ثم صناعة دبس البندورة بشكل يدوي، إضافة إلى الجبنة واللبنة، الملوخية، ورق العنب، البرغل، المخللات، مربى التين والتفاح والقرع”.
وبعد تغير الظروف نتيجة الحرب وانتشار البطالة وارتفاع التكاليف، أجبرت بعض الأهالي على ترك هذه العادة والإعتماد على ما يصلهم من مساعدات غذائية من الجمعيات الخيرية.
فاللجوء للمونة سابقاً كان من أجل الحصول على مائدة شهية في كل فصول السنة وأيضا لتوفير المال، حيث أن أسعار هذه المواد ترتفع في غير مواسمها إلى الضعف سابقاً وفي الوقت الحالي إلى أضعاف، لذلك الكثير من البيوت السورية من مختلف المحافظات استغنت عن جزء كبير من المونة بسبب تردي الأوضاع الإقصادية سواء داخل سوريا أو خارجها.
الايام