قصر النظر يتحول إلى وباء خطير ينتشر بين الأطفال

قصر النظر يكاد يتحول إلى وباء العصر الحديث، وبات يهدد الأطفال بشكل خاص، والآن اكتشف باحثون السر وراء ذلك.

إذ تبين أن الأطفال يحتاجون إلى اللعب خارج المنزل من أجل الوقاية من قصر النظر.

فقد أصبح لعب الأطفال في الشارع أمراً مشيناً في الغالب، وفي الوقت ذاته فإن الأطفال باتوا يجلسون أوقاتاً متزايدة أمام الشاشات، وهذا يعني أنهم يقضون وقتاً أقل خارج المنزل، الأمر الذي ثبت أنه له أضراراً خطيرة على نظر الأطفال،  حسبما ورد في تقرير نشر بموقع Science Alert.

هذه النتائج توصلت إليها دراسة نشرت في المجلة البريطانية لطب العيون (British Journal of Ophthalmology).

المصابون بقصر النظر أعدادهم تضخمت بشكل صادم.. والمشكلة الأكبر لدى الشباب والأطفال

ترك الأطفال يلعبون في الخارج سيفيد أبصارهم ويقلل من خطر إصابتهم بقصر النظر Shortsightedness or Myopia، والذي أصبح شائعاً في جميع أنحاء العالم، حسبما يقول الخبراء.

وبحلول عام 2050، سيكون هناك قرابة 4.8 مليار شخص مصابين بهذا الاضطراب البصري، وهو ما يزيد بحوالي 2.8 مليار شخص عما كان عليه عدد المصابين في عام 2010.

ومن ثم في ظل هذا الانتشار المتزايد يعتبر قصر النظر بمثابة وباء.

وهذا ما يحدث للعين عندما يتواجد الأطفال في الهواء الطلق

وفي حين يلقي أولئك الذين يرتدون نظارات باللوم على جيناتهم، فإن علم الوراثة وحده لا يستطيع تفسير هذه المشكلة سريعة التطور.

وبدلاً من ذلك، يقول الخبراء إننا قللنا من مدى تأثر بصرنا بالبيئة، وبالبيئة الخارجية على وجه الخصوص.

ولا يقتصر تفسير الأمر على أن التواجد في الهواء الطلق يجبرك على النظر لمسافات أبعد، بل يُعتقد أن التعرض للإضاءة الخارجية أمر حيوي، حيث يبدو أنه يبطئ النمو المحوري للعين، إذ إن النمو المفرط هو ما يسهم في إحداث قصر النظر.

وقد وجدت إحدى الدراسات أنه حتى عندما يكون لدى الطفل والدان مصابان بقصر النظر، فإذا لم يقض وقتاً كافياً في الهواء الطلق، فإن الخطر الوراثي المتمثل في قصر النظر يزداد إلى حوالي 60٪.

وفي ضوء هذه التطورات، يعتقد الخبراء الآن أن البيئة تلعب دوراً أكبر من الجينات في قصر النظر.

والأماكن المغلقة تزيد من خطر قصر النظر على الأطفال

وفي دراسة حديثة على التوائم أضيف وزن أكبر لهذه الفكرة، حيث اقترحت الدراسة أن هناك العديد من العوامل البيئية التي يمكن أن تؤثر على تطور قصر النظر.

وقالت الباحثة المشاركة في الدراسة كايتي وليامز Katie Williams التي تدرس اضطرابات العين في كلية كينجز كوليدج لندن لصحيفة The Guardian البريطانية: «لا يوجد الكثير مما يمكنك فعله عندما يولد طفلك».

غير أنها تستدرك قائلة: «لكن فترات العيش واللعب الداخلي في الأماكن المغلقة تزيد من خطر قصر النظر».

وتضيف كاتي: «من المهم وجود توازن صحي للوقت الذي يقضيه الطفل في الهواء الطلق أثناء التعليم المبكر».

وقد تتبع البحث 1.991 من التوائم، ولدوا بين عامي 1994 و1996 في المملكة المتحدة، وذلك باستخدام بيانات من دراسة التطور المبكر في التوائم.

وخلال السنوات الست عشرة الأولى من الحياة، حلل الباحثون تطور كل طفل وسلوكه وتعليمه من خلال الاستبيانات والاختبارات، بالإضافة إلى جمع اختبارات العين.

كما تبين أن هناك عوامل أخرى غير متوقعة تؤدي إلى قصر النظر لدى الأطفال

من المثير للاهتمام، أن الدراسة حددت أربعة عوامل بيئية رئيسية مرتبطة بقصر النظر، وبعضها كان غير متوقع.

على سبيل المثال، وجدت الدراسة أن الأطفال الذين يولدون في أعقاب تلقي الأم لعلاج الخصوبة كانوا أقل عرضة بنسبة 25-30٪ لتطور قصر النظر في منتصف سن المراهقة. وكتب الباحثون أن «هذا يمكن أن يكون مرتبطاً جزئياً بحقيقة أن الرضع الذين يولدون بعد علاج الخصوبة يميلون إلى أن يكونوا في وزن ولادة أقل وحمل أقصر ويكون لديهم – وفق بعض الدراسات وليس جميعها – تأخر في النمو وتقلص الدرجات المعرفية». (يبدو أن  تقلص الدرجات المعرفية يقلل قصر النظر).

كما وجدت الدراسة أيضاً أن أولئك الذين ولدوا خلال الصيف كانوا أكثر عرضة للإصابة بقصر النظر – على الأرجح لأنهم بدأوا بالذهاب إلى المدرسة أصغر من العديد من أقرانهم.

إضافة إلى أنه كلما كان مستوى تعليم الأم أعلى، ارتفعت نسبة المراهقين الذين لديهم هذه الحالة بنسبة 33٪.

وقد يكون لهذا علاقة بالصلة بين الذكاء وقصر النظر، على الرغم من أن العوامل الاجتماعية مثل الطبقة والثروة ربما تلعب دوراً أيضاً.

وبطبيعة الحال التكنولوجيا تتحمل المسؤولية ولكن لسبب مختلف عما تظن

وبالطبع، هناك عامل التكنولوجيا أيضاً، ولكن هناك حاجة لفهم أعمق لتأثير التكنولوجيا على قصر النظر.

ففي دراسة التوائم، زاد الوقت الذي يقضيه الأطفال في ألعاب الكمبيوتر في مرحلة المراهقة المبكرة من احتمالات قصر النظر.

ولكن يبدو أن السبب الأساسي الذي يجعل التكنولوجيا سبباً لقصر النظر ليس ضررها للعين مباشرة (وهي بالفعل مضرة)، بل لأنها تستهلك وقت الأطفال الذي يمكن أن يكون مخصصاً للهو والحركة في الخارج.

وبهذا تشجع التكنولوجيا الأطفال على البقاء في الأماكن المغلقة، مما يحرمهم الفوائد الصحية الكبيرة التي تحتاجها أعينهم من المساحات المفتوحة.

وهذا الظاهرة حديثة نسبياً، وقد وجد أنها تسبب ضرراً لنمو العين، ويمكن أن تفسر الزيادة الكبيرة في عدد المصابين بقصر النظر في الآونة مع ثورة التكنولوجيا التي تسيطر على حياة معظم البشر.

كما يرى مؤلفو الدراسة أن «زيادة الوقت المخصص لشاشات الأجهزة الناتج عن الألعاب ووسائل الإعلام الاجتماعية والترفيه الرقمي أدى إلى ارتفاع السلوك المعتمد على كثرة الجلوس، وضعف التغذية وعدم وجود نشاط في الهواء الطلق».

وإليك الجانب الأسوأ الذي لم تتناوله الدراسة

قد يكون هناك جانب أسوأ لم تكشفه الدراسة.

فهذه الدراسة أجريت على البالغين الذين كانوا أطفالاً في تسعينيات القرن الماضي لمعرفة كيف تأثرت أعينهم بعدم ارتيادهم للأماكن المفتوحة بشكل كاف.

المشكلة أن هؤلاء كانوا أطفالاً  قبل عصر الهواتف الذكية وغيرها من الأجهزة المحمولة باليد. (كان الكومبيوتر العادي مزدهراً آنذاك).

وبالتالي من المتوقع أن نكون النتائج أسوأ، بالنظر إلى أن الأطفال الحاليين (الذين لم تتناولهم الدراسة)، باتوا يعيشون وعيونهم ملتصقة بالشاشات بغض النظر عن مكان وجودهم – حتى لو كان ذلك في الهواء الطلق.

ولذا فإنه من المرجح أن تكون المشكلة ستكون أسوأ لدى هذه الأجيال الجديدة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى