ما المقصود بقرار تعديل إجراءات الإيجار في سوريا وإطلاق يد الشرطة بسوق العقارات؟

 

أكدت مصادر متطابقة من عدة بلديات في دمشق، أنه تم فرض الدراسة الأمنية واشتراط الموافقة الأمنية لمن يود استئجار عقار في دمشق ولديه أقارب يحملون الجنسية الإيرانية، وقد بدأت بالفعل التشديدات على من يسكنون أو تولدوا في مناطق تجمع الشيعة.

يقول مصدر في إحدى البلديات بدمشق لموقع تلفزيون سوريا، إنه تم رفض تأجير شقة في المهاجرين لشخص لديه قريبة من منطقة زين العابدين تحمل الجنسية الإيرانية، مشيراً إلى أن التشديد كان واضحاً خلال الفترة الأخيرة من قبل الجهات الأمنية بخصوص الأشخاص الذين هناك أي إشارات أو احتمالات لوجود أقارب لديهم من الجنسية الإيرانية.

ويؤكد المصدر أن التشديدات الأخيرة شملت أيضاً اللبنانيين القادمين من جنوب لبنان إلى دمشق، تحسباً من وجود ارتباطات مع قادة في حزب الله أو قادة إيرانيين، على حد زعمه.

ويشير المصدر إلى أن الإيرانيين وقادة الحزب يستخدمون أقارب لهم أو معارف موثوقين أو أشخاص مأجورين يحملون الجنسية السورية لاستئجار أو شراء منازل لهم، لكن قراراً صدر مؤخراً سد جزء من هذه الثغرة.

التشديدات التي يتحدث عنها المصدر سبقت تعديلات تسجيل العقود التي صدرت يوم السبت الفائت، حيث كانت الموافقة الأمنية على الإيجارات قد توقفت “نظرياً” منذ عام 2018 وبقيت تطبق على الفلسطينيين والنازحين من مناطق ريف دمشق الساخن.

ويرى المصدر أن القرار الذي صدر بخصوص تعديل إجراءات تسجيل عقود إيجار العقارات وشغلها وآلية تنظيم استمارة الإعلام عنها، يستهدف بالضرورة السوريين الذين يقومون باستئجار منازل باسمهم ومن ثم تأجيرها لشخصيات إيرانية أو من حزب الله.

 

ولم ينص القرار الجديد على الموافقة الأمنية التي تختص بها الأفرع الأمنية صراحةً، بل ألزم إبلاغ مخافر الشرطة بعقد التأجير التي تقوم بدورها بارسال نسخة من العقد وهوية المستأجر لوزارة الداخلية، وهنا تتم دراسة الشخص فعلياً، ولا يتوقف هنا دور الشرطة، بل ستكون هناك دوريات تقوم بالتحقق من الشاغل للعقار هل هو نفسه أم تغير.

ويشير القرار إلى عبارة هامة، تؤكد سبب صدوره، وهي أن وحدات الشرطة ستدقق وضع شاغل العقار وفي حال تبين أنه يعرض الأمن العام للخطر، يتم اتخاذ إجراءات فورية مثل التوقيف أو وضعه تحت المراقبة. ويتضمن القرار جزءاً مهماً آخر، وهو دعوة عامة للسوريين بأن يقوموا بالبحث عن مستأجرين يشكون أنهم ليسوا أصحاب العقد فعلياً، وإبلاغ الشرطة لتتحرك إلى المنزل المقصود.

زجاء في النص: “تكلف الوحدات الشرطية المختصة بتلقي الإخبارات الورادة إليها بوجود شخص في عقار ليس بصفة قانونية بالإشغال”، ويتبع ذلك طبعاً توجه الشرطة للمنزل والتحقق، وفي هذه الحالة سيتم استدعاء صاحب المنزل ومن أجر الشقة وتعريضهم للمساءلة.

قرار يحمل الكثير من المغالطات الدستورية

 

قال محامي فضل عدم الكشف عن اسمه، إن قرار “وزارة الداخلية” الأخير، يتضمن الكثير من المغالطات الدستورية، ومنها أن تأجير شخص ملاحق جزائياً قد يعرضه للتوقيف أو المراقبة، لأن الملاحق جزائياً يبقى يتمتع بوضعه الطبيعي حتى صدور قرار جزائي مكتسب للدرجة القطعية، إضافةً إلى أن تحديد كيفية التصرف مع الملاحق جزائياً هي من مهمة القضاء وليس مهمة وحدات الشرطة ولا يمكنهم التحرك للتوقيف دون مذكرة قضائية، لكن في حالة هذا القرار أخذت الشرطة دوراً بقرار من وزارة الداخلية تعدت به على جهاز القضاء.

 

وفي حديثه لموقع تلفزيون سوريا، أبدى المحامي مخاوفه من أن يتسبب هذا القرار بعمليات ابتزاز واسعة من قبل عناصر الشرطة والمتعاونين معهم، ويشير إلى أنه سيعود بنتائج كارثية على المؤجرين وأصحاب العقارات نتيجة إطلاق كامل يد عناصر الشرطة بأمر ليس من تخصصهم، مضيفاً أن الأجهزة الأمنية ستتدخل أيضاً بالتأكيد وبالتالي سيصبح سوق العقارات في سوريا سيء السمعة ومخيف وغير جاذب نتيجة تدخل أكثر من جهة أمنية فيه.

ويرى المحامي أنه كان من المفترض أن يقتصر هذا القرار على الأجانب بشكل صريح، وأن يكون بصيغة أجمل، كأن يشترط على الأجنبي تقديم طلب استئجار عقار عبر البلديات، واتخاذ الإجراءات الأمنية اللازمة دون إعلان رسمي بهذا الشكل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى