حمص: لماذا المعركة معقدة؟ وتوقعات السيناريوهات القادمة
تشهد الساحة السورية تطورات متسارعة مع تراجع سيطرة النظام السوري في مناطق عدة، ما دفعه إلى اللجوء لاستراتيجية إعادة التموضع العسكري التي استخدمها سابقاً خلال أعوام 2012 و2013. يقوم النظام حالياً بتجميع قواته المنسحبة من دير الزور والرقة وحماة، وتحشيدها في مدينتي حمص ودمشق، مع تركيز واضح على حماية ما يُعرف بـ”سوريا المفيدة”، التي تشمل المناطق الحيوية التي يسيطر عليها.
رهان على الدعم المحلي في ريف حمص
في مسعى لتعزيز مواقعه، يعوّل النظام على دعم القرى الموالية له في ريف حمص، مثل قرية “المزرعة” ذات الأغلبية الشيعية التي كان لها دور كبير في قتل وتهجير أهالي حمص، والقرى العلوية والشيعية المحيطة بسهل الحولة وقرى ريف حمص الشرقي المخرم والمسعودية وجب الجراح. وتُعد هذه القرى جزءاً من القاعدة الشعبية للنظام، خاصة وأن سكانها كانوا متورطين في مجازر كثيرة مثل مجزرة سهل الحولة الشهيرة التي استهدفت بلدة تلدو ذات الغالبية السنية.
تحديات استعادة السيطرة على المدن الكبرى
رغم الجهود المبذولة لتقوية خطوط الدفاع في حمص وحماية محور دمشق-الساحل، إن استطاعت هذه القوات الصمود، تشير التقديرات إلى أن استعادة السيطرة على مدن مثل حماة وحلب ستظل تحدياً صعباً ومستحيلاً. فالمعارك الأخيرة أظهرت ضعف قوات النظام وتراجع قدرتها على الاحتفاظ بمواقعها الاستراتيجية أمام تقدم المعارضة المسلحة، ومقارنة ما يحدث اليوم بما حدث في سنوات سابقة ضرب من الخيال.
انهيار مفاجئ وتوسع للمعارضة
بحسب تقارير، كانت خطة “هيئة تحرير الشام” تقتصر في البداية على السيطرة على مدينة حماة، لكن الانهيار المفاجئ لقوات النظام فتح الباب أمام المعارضة للتوسع بشكل أكبر من المتوقع. هذا التقدم السريع أحدث تحولاً استراتيجياً في المشهد العسكري، ما يثير تساؤلات حول قدرة النظام على الصمود في مواجهة التغيرات الميدانية المتسارعة
ملامح تقسيم جديد
المشهد الراهن في سوريا يوحي بتبلور ملامح تقسيم جديد، مع بروز إقليمين كبيرين: أحدهما سني والآخر كردي، بالإضافة إلى مناطق ذات غالبية علوية ودرزية. هذه التطورات تضع البلاد أمام سيناريو محتمل لتقسيمها إلى كيانات منفصلة جغرافياً وسياسياً، بانتظار جولة جديدة من التصعيد قد تطال العاصمة دمشق نفسها.
الحاجة إلى التفاوض ووقف إطلاق النار
مع التقدم الذي تحققه المعارضة في الجنوب، تبدو الحاجة ملحة إلى وقف إطلاق النار على الحدود الحالية. هذا السيناريو قد يدفع النظام إلى الدخول في مفاوضات تحت ضغط الواقع العسكري المتغير، وربما يُجبره على تقديم تنازلات سياسية قد تصل إلى حد التخلي عن السلطة.
مخاطر الضغط المفرط
ورغم ذلك، فإن أي ضغط مفرط على النظام قد يأتي بنتائج عكسية. فحصره في زاوية ضيقة قد يدفعه إلى استماتة غير محسوبة في الدفاع عما تبقى من مناطق نفوذه، ما ينذر بمزيد من التصعيد العسكري والخسائر الإنسانية.
في ظل هذه المعطيات، يبدو أن سوريا تقف على مفترق طرق حاسم، حيث سيحدد التوازن بين التصعيد والتهدئة، ملامح المرحلة المقبلة، سواء نحو تفاوض يفضي إلى تسوية أو نحو مزيد من التشظي والانقسام أو تحرير جميع الأراضي السورية بقوة السلاح بيد ثوارها.