وثائق جديدة تكشف ممارسات النظام المخلوع في قضية اختفاء الصحفي الأميركي أوستن تايس

تواصل قضية الصحفي الأميركي والجندي السابق أوستن تايس إثارة الجدل والغموض، بعد أكثر من عقدٍ على اختفائه في سوريا، وسط تسريبات ووثائق جديدة تكشف جانباً من تورط النظام المخلوع في طمس الحقيقة وملاحقة كل من حاول السؤال عنه.

المقابلة التي بثتها CNN العربية مؤخراً مع الضابط المنشق بسام الحسن، والتي جرى تصوير جزءٍ منها بكاميرا خفية داخل منزله الفاخر في بيروت، أعادت إشعال النقاش حول مصير تايس، خاصة بعد اعتراف الحسن بتلقيه أوامر مباشرة من بشار الأسد بتنفيذ إعدامه.

ورغم نفي النظام المخلوع المتكرر لاحتجاز تايس، ومحاولته ترويج روايةٍ مزيفة عبر فيديو قصير يظهر فيه الصحفي الأميركي محتجزاً لدى جماعة “جهادية”، تكشف وثائق حصل عليها موقع تلفزيون سوريا عن سياسة قمعية اتبعها النظام بحق أي شخص حاول البحث عن مصيره.

امرأة من إدلب دفعت ثمن “سؤال”

إحدى الوثائق تُظهر اعتقال امرأة من إدلب تُدعى (س. أ. ف) في نيسان/أبريل 2023، فقط لأنها سألت عن أوستن تايس. وقد تم تحويلها بين عدة فروع أمنية، قبل أن تُحال إلى محكمة الإرهاب بتهمة “التواصل مع جهات أجنبية”.
وبحسب الوثيقة، صدر قرار بإخلاء سبيلها من قبل قاضي التحقيق الثالث في دمشق، عدنان سلطان لطف الله، بناءً على توجيه من فرع 248 وموافقة مكتب الأمن الوطني، الذي أوصى بمحاولة “كسبها للعمل لصالح النظام”.

ويُظهر هذا النمط، وفق مصادر حقوقية، أن قرارات الإفراج المماثلة غالباً ما تُمنح فقط لمن يتم تجنيدهم لصالح أجهزة المخابرات، أو لمن تدفع عائلاتهم مبالغ مالية طائلة مقابل إطلاق سراحهم.

خمسون ألف دولار مقابل “شعرة منه”

الوثيقة ذاتها تضمنت اعترافات انتُزعت من المعتقلة تفيد بأن شخصاً يُدعى الدكتور أبو العبد (ع. ش. ع) عرض عليها مبلغ 50 ألف دولار مقابل الحصول على أي دليل مادي يثبت أن تايس لا يزال حياً. وتم اعتقالها بعد مراقبة دقيقة من فرع فلسطين 235، الذي رصد كل شخص تداول اسم تايس أو حاول السؤال عنه.

مراقبة إلكترونية وتنسيق أمني واسع

وثيقة ثانية كشفت عن مذكرة صادرة عن فرع أمن الدولة في حلب (322)، تُظهر متابعة أمنية دقيقة لكل ما يُنشر على وسائل التواصل الاجتماعي حول قضية تايس، بما في ذلك منشورات صفحة “هاشتاغ سوري” التي نقلت تصريحات للرئيس الأميركي جو بايدن حول المطالبة بعودة الصحفي.
الوثيقة تشير أيضاً إلى توجيه نسخ من المذكرة إلى فروع أمنية حساسة، منها الفرع 255 (المعلومات) والفرع 251 (الخطيب)، في دلالة على الأهمية الأمنية التي أولتها أجهزة النظام للملف.

لغز لم يُحلّ بعد

ورغم ظهور شهادات واعترافات جديدة، تبقى الكثير من خيوط قضية أوستن تايس مجهولة، خاصة فيما يتعلق بمكان احتجازه وطريقة تنفيذ الإعدام المزعومة ومصير رفاته.
لكن المؤكد أن النظام المخلوع سعى على مدى سنوات لإخفاء أي أثرٍ له، واعتقل أو قتل كل من حاول الاقتراب من الحقيقة.

قضية أوستن تايس اليوم ليست مجرد ملف مفقود، بل مرآة تعكس حجم الرعب الذي مارسه النظام ضد الصحفيين، ودليلاً دامغاً على أن الكلمة والصورة كانتا دوماً أخطر عليه من أي سلاح.

.

.

عن تلفزيون سوريا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى