
“اختبار الجمهورية” فرنسا تفرض اختباراً مدنياً إلزامياً للأجانب بدءاً من 2026: 40 سؤالاً شرطاً للجنسية والإقامة
اختبار تحريري رقمي يقيس فهم قيم الجمهورية والنظام السياسي والتاريخ والحقوق والواجبات
مصدر – باريس
في خطوة تهدف إلى “إعادة ترسيخ القيم الجمهورية وتعزيز الاندماج الحقيقي”، كشفت الحكومة الفرنسية عن تفاصيل اختبار مدني جديد سيصبح إلزامياً اعتباراً من مطلع عام 2026، لجميع الأجانب الراغبين في الحصول على الجنسية الفرنسية أو أي من تصاريح الإقامة الطويلة الأمد.
الاختبار، الذي أُطلق عليه اسم “اختبار الجمهورية” (Examen de la République)، يُعدّ جزءاً محورياً من استراتيجية الدولة الفرنسية لربط الإقامة الدائمة بالفهم العميق لمبادئ الجمهورية، وقيمها، ونُظمها السياسية والاجتماعية. ووفقاً للمرسوم الحكومي المنشور في 10 أكتوبر 2025، سيُطلب من كل متقدم الخضوع لامتحان مكتوب رقمي يتضمّن 40 سؤالاً من نوع “اختيار من متعدد”، جميعها باللغة الفرنسية.
ولاجتياز الامتحان بنجاح، يتعيّن على المُتقدم الحصول على 32 إجابة صحيحة على الأقل من أصل 40 – أي بنسبة نجاح لا تقل عن 80%. ويُحتسب للإجابة الصحيحة نقطة واحدة، بينما تحصل الإجابات الخاطئة أو الفارغة على صفر، دون خصم نقاط.
محتوى الاختبار: بين الحقائق والسلوك المدني
يتوزّع محتوى الامتحان على خمسة محاور رئيسية تعكس أركان الهوية الجمهورية الفرنسية:
- مبادئ الجمهورية وقيمها (11 سؤالاً): تشمل أسئلة عن شعار الجمهورية (“حرية، مساواة، أخوّة”) ورموزها الوطنية، بالإضافة إلى مبادئ العلمانية (Laïcité). ويتضمّن هذا القسم ستة أسئلة من نوع “المواقف الافتراضية”، تقيّم قدرة المتقدم على تطبيق القيم الجمهورية في سياقات حياتية ملموسة.
- النظام المؤسسي والسياسي (6 أسئلة): تركّز على فهم الديمقراطية التمثيلية، وآليات الاقتراع، وهيكل الجمهورية الخامسة، بالإضافة إلى دور فرنسا داخل المؤسسات الأوروبية.
- الحقوق والواجبات (11 سؤالاً): تتناول الحقوق الأساسية المنصوص عليها في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والدستور الفرنسي، وواجبات المقيمين (مثل الالتزام بالقانون ودفع الضرائب)، مع سيناريوهات تفاعلية لاختبار الاستجابة الأخلاقية والقانونية.
- التاريخ والجغرافيا والثقافة (8 أسئلة): تغطي محطات رئيسية في التاريخ الفرنسي، من الثورة إلى الجمهورية الحديثة، فضلاً عن الجغرافيا الوطنية – بما في ذلك الأقاليم الفرنسية ما وراء البحار – والتراث الثقافي الذي شكّل الهوية الجماعية.
- العيش في المجتمع الفرنسي (4 أسئلة): تستكشف معرفة المتقدم بنظام الرعاية الصحية، وسوق العمل، والإجراءات الإدارية المتعلقة بالإقامة، بالإضافة إلى مبادئ السلطة الأبوية والنظام التعليمي.
إجراءات صارمة لضمان النزاهة
يُجرى الامتحان إلكترونياً في مراكز معتمدة، ولا يتجاوز زمنه 45 دقيقة، مع استثناءات مخصصة للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة. وقبل الاختبار، يُطلب من المتقدم تقديم وثيقة هوية رسمية (كجواز سفر أو تصريح إقامة)، فيما ستُلتقط له صورة شخصية تُرفق بشهادة النجاح عند اجتيازه.
ولمكافحة الغش، تتّبع مراكز الامتحان إجراءات أمنية مشدّدة، من بينها المراقبة المباشرة، وتسجيلات الفيديو، وحظر استخدام أي أجهزة إلكترونية – كالهواتف الذكية أو السماعات – أثناء الامتحان. وفي حالة تأكّد الغش أو استخدام هوية مزوّرة أو محاولة التلاعب بأي شكل، يُعتبر الامتحان باطلاً، ويُمنع المتقدم من إعادة المحاولة لمدة عامين.
خطوة نحو “اندماج ذكي” أم عقبة بيروقراطية جديدة؟
رغم أن الحكومة تصف الامتحان بأنه “أداة تكاملية” تهدف إلى تعزيز الانتماء المشترك، فإن القرار أثار نقاشاً واسعاً بين السياسيين والجمعيات المدنية. فبينما يرى مؤيدوه فيه ضمانة لوحدة القيم الوطنية، يخشى منتقدوه من أن يتحوّل إلى حاجز إضافي أمام الفئات الضعيفة، خصوصاً ذوي المستويات المتدنية في اللغة الفرنسية أو من يعانون من ظروف اجتماعية واقتصادية صعبة.
ومن المقرّر أن تُنشر قائمة الأسئلة النموذجية، التي قد ترد في الامتحان، على الموقع الإلكتروني للوزارة المكلفة بشؤون الجنسية والاندماج، لتمكين المتقدمين من التدرّب مسبقاً.
باستثناء من يحظون بإعفاءات طبية أو قانونية محددة، سيصبح هذا “اختبار الجمهورية” بوابة إلزامية نحو الانتماء القانوني الكامل إلى فرنسا – دولةً وشعباً وقيماً.



