لا مستقبل لحزب الله بعد الانسحاب الإسرائيلي : خسائر فادحة وتحديات لاجدوى منها

مع اقتراب موعد انسحاب الجيش الإسرائيلي من البلدات المحتلة في جنوب لبنان، لا سيما المناطق الحدودية، والمقرر في 27 يناير الجاري، يتصاعد الحديث حول مستقبل “حزب الله” العسكري في مناطق جنوب الليطاني. ويشكل إعادة إعمار القرى المدمرة تحديًا كبيرًا أمام جمهور الحزب، في ظل تساؤلات عن تداعيات الدعم العسكري الذي قدمه لمعركة حركة “حماس”، والذي تسبب بخسائر فادحة في صفوفه على مدى أكثر من عام.

وفقًا لمصادر مقربة من الحزب ، أشار ضابط في “قوة الرضوان”، التي تضم نخبة مقاتلي الحزب، إلى أن التحضيرات العسكرية للحزب بدأت منذ عام 2006، شملت بناء مئات الأنفاق والمنشآت الدفاعية. لكنه أكد أن إسرائيل تمكنت من كشف نقاط الضعف فيها باستخدام طائرات مسيرة وأدوات تقنية متطورة، بالإضافة إلى تجنيد عملاء داخل صفوف الحزب، مما أدى إلى انهيار جزء كبير من بنيته الأمنية.

وأشار الضابط إلى أن العملية التي وصفها بـ”الضربة الأكبر” كانت ما يُعرف بعملية “البيجر”، والتي استهدفت عمود الحزب العسكري وألحقت إصابات في صفوف آلاف من عناصره. العملية نفذتها الاستخبارات الإسرائيلية بعد اكتشاف عيب تقني في أجهزة اتصال الحزب، ما مكّن إسرائيل من تفجير تلك الأجهزة بصورة مفاجئة.

وأوضح الضابط أن الاستعدادات العسكرية للحزب كانت تركز على مواجهة طويلة الأمد مع إسرائيل، إلا أن الأخيرة كانت قد أعدت نفسها منذ عام 2006، حيث جمعت معلومات دقيقة عن مواقع الحزب، منشآته، ومخازن صواريخه في لبنان وسوريا. وأضاف أن الغارات الإسرائيلية نجحت في تدمير الجزء الأكبر من تلك المواقع والأنفاق، بما في ذلك أنفاق شيدت قرب الحدود الجنوبية وامتدت لتصل إلى حافة المستوطنات الإسرائيلية.

وحول إمكانية إعادة بناء قدرات الحزب بعد انسحابه من جنوب الليطاني بموجب القرار الأممي 1701 ومنع وصول السلاح إليه عبر سوريا عقب سقوط نظام بشار الأسد، اعترف الضابط بصعوبة الأمر، مؤكدًا أن الحزب ارتكب أخطاء في تقدير قوة إسرائيل. لكنه شدد على أن الحزب سيواصل نشاطه العسكري في مناطق شمال الليطاني، الضاحية الجنوبية، والبقاع، مشيرًا إلى أن الحزب “لن يسلم سلاحه بسهولة لأي جهة، بما في ذلك الجيش اللبناني”.

يُذكر أن اتفاق وقف إطلاق النار، الذي دخل حيز التنفيذ في 27 نوفمبر 2024 برعاية أمريكية وفرنسية، نص على انسحاب “حزب الله” من جنوب الليطاني وتسليم سلاحه، بالإضافة إلى انسحاب الجيش الإسرائيلي خلال 60 يومًا. كما شدد الاتفاق على حصر السلاح بيد الجيش اللبناني والقوات الأمنية، وتفكيك البنية التحتية والمواقع العسكرية التابعة للحزب أو أي فصائل مسلحة أخرى في الجنوب.

ورغم هذه المستجدات، يبقى “حزب الله” يواجه ضغوطًا داخلية وخارجية، وسط تساؤلات حول مستقبله السياسي والعسكري في لبنان، في ظل خسائره المتزايدة وانحسار نفوذه الإقليمي.

 

متابعة مصدر

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى