الساحل السوري بعد سقوط الأسد: مشهد متغير بين التفاؤل والترقب

 

مرّ شهران على سقوط نظام بشار الأسد، وبينما استعادت الحياة الطبيعية وتيرة دورانها في مختلف أنحاء سوريا، لا يزال القلق يخيّم على بعض السوريين، خاصة أبناء الساحل، الذين كان النظام السابق يعتمد عليهم كبيئة حاضنة، ولو شكلياً.

ورغم الأحاديث المتداولة عن مستقبل الساحل، وما يرافقها من شائعات حول تقسيمه أو ضمه إلى تركيا أو منحه حكماً ذاتياً، فإن الواقع في مدن اللاذقية وطرطوس وجبلة وبانياس يعكس مشهداً مختلفاً، حيث يعيش الأهالي حياة طبيعية هادئة، بعيداً عن المنغصات التي خلّفها النظام الساقط.

منذ الأيام الأولى لسقوط النظام، شهدت الأسواق انتعاشاً واضحاً، وامتلأت الشوارع بالمارة والمقاهي بالرواد، مع تحسن ملحوظ في مستوى الأمان، خلافاً للمخاوف التي زرعها النظام قبل سقوطه. كما استمرت المدارس بفتح أبوابها، وتحسّنت حركة المواصلات بشكل ملحوظ، رغم ارتفاع الأجور.

الوضع المعيشي والاقتصادي

لطالما كان الساحل السوري رمزاً للفقر والتهميش تحت حكم الأسد، حيث عانى أكثر من 90% من سكانه من الفقر المدقع. ومع سقوط النظام، تدفقت البضائع إلى الأسواق، وشهدت الأسعار انخفاضاً هائلاً، وصل في بعض الأحيان إلى 500%، خاصة في أسعار اللحوم والخضار والفواكه.

لكن رغم هذا التحسن، فإن العديد من الأسر ما زالت تعاني بسبب فقدان مصادر دخلها، خصوصاً أولئك الذين كانوا موظفين في جيش النظام أو في وظائف حكومية فاسدة استُغني عنها. ومع انتظار زيادة الرواتب التي وعدت بها الحكومة الجديدة، يعيش الناس بين تفاؤل حذر وترقب لتحسين أوضاعهم الاقتصادية.

بعد انهيار النظام، سادت بعض المخاوف من الفوضى، خاصة مع انتشار أخبار عن عمليات خطف وسرقة. لكن إدارة الأمن العام نجحت في بسط سيطرتها على معظم المناطق، مما ساعد على استعادة الاستقرار.

ورغم ذلك، لا تزال بعض التحديات قائمة، حيث يحاول فلول النظام السابق زعزعة الأمن، بينما تسعى بعض العصابات لاستغلال الأوضاع الاقتصادية الصعبة. ومع ذلك، يعتقد الأهالي أن الوضع الأمني مستقر مقارنة بحجم الحدث الذي شهدته البلاد.

الخدمات والبنية التحتية

يبقى الواقع الخدمي من أبرز المشكلات التي تواجه أبناء الساحل، فالكهرباء ضعيفة، وشبكات الإنترنت والهاتف تعاني، وأسعار الوقود مرتفعة. كما يطالب المواطنون بضرورة إعادة فتح دوائر النفوس والمحاكم المدنية، خاصة للذين فقدوا مستنداتهم أثناء الحرب، أو كانوا مطلوبين للنظام السابق.

مع مرور الوقت، تتبدد مخاوف أبناء الساحل تدريجياً، وسط تفاؤل بمستقبل أفضل لسوريا موحدة تسودها العدالة والمحاسبة. وبينما لا تزال هناك تحديات اقتصادية وخدمية، فإن الأمل كبير بحدوث إصلاحات حقيقية تضمن حقوق جميع السوريين، بعيداً عن التهميش والاستغلال الذي عانوا منه لعقود طويلة.

 

 

متابعة مصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى