تحذيرات دولية من موجة غير مسبوقة لنهب التراث الثقافي السوري

أصدر المجلس الدولي للمتاحف (ICOM) تحذيراً رسمياً من تصاعد عمليات النهب والتهريب غير القانوني للقطع الأثرية السورية، مؤكداً أن البلاد تواجه حالياً أكبر أزمة استنزاف لتراثها الثقافي في تاريخها الحديث. ويعود ذلك إلى ضعف الرقابة المحلية وتزايد الطلب العالمي على الآثار المهربة.

وأشار بيان المجلس إلى أن المدن السورية الكبرى تشهد انتشاراً واسعاً لأجهزة التنقيب الإلكترونية، التي تُستخدم في عمليات تنقيب غير قانونية، ويُعرض الكثير من القطع المستخرجة عبر منصات التواصل الاجتماعي للبيع علناً.

كما أظهر التقرير تحول السوق السوداء للآثار إلى شبكة منظمة متعددة المسارات، تديرها جهات تجمع بين التهريب والتزوير، وتحظى بدعم محلي وإقليمي، مما يعقد من مهمة مراقبة هذه العمليات ومحاسبة المتورطين. ولاحظ المجلس زيادة مقلقة في تداول القطع المزيفة، لا سيما العملات المعدنية القديمة، ما يعرقل توثيق القطع الأصلية ويثير الشكوك حول شرعية العديد من القطع المتداولة.

ودعا المجلس إلى توخي الحذر في التعامل مع القطع التي يُحتمل انتماؤها للتراث السوري، حتى وإن لم تكن مدرجة ضمن “القائمة الحمراء الطارئة” التي أصدرت عام 2018، مؤكداً على ضرورة إجراء فحوصات دقيقة لكل قطعة على حدة.

في السياق ذاته، طالب المجلس السلطات السورية والدول المجاورة، خصوصاً لبنان وتركيا والعراق، بتشديد الرقابة على الحدود وتعزيز التعاون الإقليمي لوقف تهريب الآثار، محذراً من أن هذه الأزمة تمثل تهديداً مباشراً لهوية سوريا التاريخية والحضارية.

وعلى الرغم من التحديات الأمنية واللوجستية، أشار المجلس إلى إطلاق مبادرات توعوية محلية من قبل أعضائه في سوريا، تهدف إلى زيادة وعي المجتمع بخطورة استنزاف التراث الثقافي، مشدداً على أن “كل قطعة أثرية تُسرق وتُباع تمحو جزءاً من قصة التاريخ السوري”.

في المقابل، عبر التقرير عن استغرابه من غياب رد فعل فعال من المجتمع الدولي رغم التحذيرات المتكررة خلال السنوات الماضية، داعياً المنظمات الثقافية والحقوقية لتحمل مسؤولياتها في حماية ما تبقى من التراث السوري.

وكانت منظمة اليونسكو قد أعلنت استئناف أنشطتها في سوريا بعد توقف دام 14 عاماً، وأطلقت مبادرة لدعم إعادة تأهيل المتحف الوطني في دمشق، في خطوة أولى نحو تعزيز الجهود الدولية لإنقاذ التراث الثقافي السوري واستعادة ما فُقد منه بسبب النهب والدمار.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى