
خبير عقاري : أسعار العقارات في سوريا تتراجع 40% وموجة هبوط جديدة تلوح في الأفق
تشهد السوق العقارية في سوريا تحولات غير مسبوقة، حيث انخفضت الأسعار بأكثر من 40% منذ بداية مرحلة ما بعد التحرير، وذلك بسبب عوامل متداخلة، بحسب ما أكده خبير التقييم العقاري الدكتور يوسف سلوم. وأشار سلوم إلى أن المؤشرات الحالية تدل على تراجع إضافي مرتقب، في ظل الأوضاع الاقتصادية والنقدية الراهنة.
تراجع على مرحلتين : تحسن الليرة ونقص السيولة
أوضح الدكتور سلوم أن الانخفاض الحالي جاء على مرحلتين: الأولى كانت نتيجة تحسن ملحوظ في قيمة الليرة السورية، مما أثر بشكل مباشر على أسعار العقارات. أما المرحلة الثانية، فقد تعمقت مع زيادة العرض في السوق، وتراجع الطلب، إلى جانب تدني السيولة النقدية، وتوقف عمل بعض الدوائر العقارية، ما فرض واقعاً جديداً على السوق العقارية ودفع الأسعار إلى مستويات غير معتادة منذ سنوات.
مقارنات سعرية : دمشق أقل بكثير من العواصم الأوروبية والخليجية
وفي مقارنة لأسعار العقارات، لفت سلوم إلى أن متوسط سعر المتر السكني في العاصمة السورية يعادل تقريباً نظيره في بغداد وعمّان، لكنه يظل أدنى بكثير من الأسعار السائدة في أسواق الخليج التي تعتبر الأعلى عربياً، كما يقل بشكل كبير عن مثيله في العواصم الأوروبية مثل باريس وبرلين ولندن، مما يعكس الفجوة في معايير التقييم والاستثمار العقاري.
وتشهد الأسعار داخل دمشق تفاوتاً واسعاً بين الأحياء والمناطق، حيث ترتفع في المناطق التنظيمية وتنخفض بشكل واضح في الأحياء العشوائية أو المخالفة، كما تختلف أسعار الأراضي بحسب الموقع والقرب من الخدمات والبنية التحتية.
تكاليف البناء وتأثير التضخم على السوق
قدر “سلوم” كلفة بناء المتر السكني بتشطيب متوسط بنحو 225 إلى 250 دولاراً، بينما تكلّف عمليات الإكساء الاقتصادي قرابة 100 دولار للمتر، مع الأخذ في الاعتبار أن استخدام المواد المستوردة أو المحلية يؤثر على الكلفة. وتظل دمشق الأغلى بين المحافظات السورية من حيث أجور العمال وتكلفة المواد.
وأكد أن التضخم وانعدام الاستقرار السياسي يخلقان بيئة غير مستقرة في السوق العقارية، حيث يؤثر ارتفاع أسعار مواد البناء وتراجع القدرة الشرائية بشكل مباشر على حركة البيع والشراء، كما يؤدي تراجع ثقة المستثمرين إلى تجميد جزء كبير من النشاط العقاري.
توقعات مستقبلية : الاستقرار الأمني مفتاح التعافي
لتجاوز هذا الواقع، شدد الخبير على ضرورة تمكين الشباب من الحصول على سكن من خلال رفع مستويات الدخل، وتوسيع برامج التمويل العقاري، وتشجيع السكن منخفض التكاليف، إلى جانب تطوير مناطق عقارية جديدة.
وفي توقعاته للمرحلة المقبلة، اعتبر أن مستقبل السوق العقاري السوري مرهون بمدى الاستقرار الأمني والسياسي، مشيراً إلى أن العقارات ذات القيمة العالية في مراكز المدن قد تشهد انخفاضاً إضافياً في ظل تراجع الطلب، بينما من المرجّح أن تكتسب المشاريع الجديدة ذات الخدمات الجيدة والتمويل الميسر إقبالاً متزايداً من الراغبين في الحصول على مساكن ضمن حدود قدراتهم المالية.


