
في محصلة غير مسبوقة.. السلطات البريطانية تستقبل 111 ألف طلب لجوء خلال سنة واحدة
خلال الفترة ما بين حزيران/يونيو 2024 وحزيران/يونيو 2025، استلمت السلطات البريطانية 111 ألف طلب لجوء، وهي محصلة قياسية تتجاوز تلك المسجلة في العام السابق (103 آلاف طلب).
بحسب أرقام جديدة نشرتها وزارة الداخلية البريطانية، تم تقديم 111 ألف طلب لجوء في البلاد خلال السنة الممتدة بين حزيران/يونيو 2024 وحزيران/يونيو 2025. بينما تحاول السلطات معالجة هذه الطلبات بوتيرة أسرع من السابق.
وتمثّل هذه المحصلة زيادة بنسبة 14% عن العام السابق، وهي أعلى من الرقم القياسي الذي بلغ 103 آلاف طلب في عام 2022.
معالجة أسرع للملفات
ووفقا للسلطات، تتم معالجة عدد أكبر من الحالات مقارنةً بفترة ما قبل الانتخابات العامة، مما يعني أنه على المدى الطويل، قد يكون هناك عدد أقل من الأشخاص ينتظرون البت في طلبات لجوئهم.
وتعتبر هذه البيانات نتيجة العام الأول من عمل حكومة حزب العمال، في الوقت الذي تواجه فيه الحكومة ضغوطا متزايدة بشأن ملف الهجرة والسيطرة عليها.
وأظهرت الأرقام أيضا وجود 71 ألف ملف، تتعلق بـ91 ألف شخص، لم تتلق بعد القرار الأولي. ومن المنطقي أن يكون عدد الملفات أقل من عدد الأشخاص، لأن الملف الواحد قد يشكل أسرة كاملة.
وعلى الرغم من الرقم القياسي في عدد الملفات المقدمة خلال الفترة المعنية، إلا أن عدد الملفات المتراكمة لم يبلغ إلا نحو نصف عددها في نهاية حزيران/يونيو 2023، عندما تراكم 134 ألف ملف في ذورة أزمة دراسة طلبات اللجوء في البلاد. هذا يعني أن عدد الأشخاص الذين ينتظرون قرارا اليوم أقل بـ18,536 شخصا مقارنة بشهر آذار/مارس.
كما ارتفع عدد طالبي اللجوء في الفنادق بشكل طفيف إلى 32,059، وهو رقم أعلى مما كان عليه عندما تولى حزب العمال السلطة، ولكنه أقل بكثير من ذروة الأزمة عندما كان عددهم 56 ألف شخص في أيلول/سبتمبر 2023 خلال عهد المحافظين.
وفي السنة المنتهية في حزيران/يونيو 2025، رحّلت وزارة الداخلية 9100 شخص، بزيادة قدرها الربع عن العام السابق. وكان أكثر من نصفهم من الأجانب الذين ارتكبوا جرائم، والذين تم ترحيلهم بعد انتهاء مدة عقوبتهم.
وقُدّمت معظم طلبات اللجوء من قِبل أشخاص من باكستان، وقليل منهم وصل إلى المملكة المتحدة على متن قوارب صغيرة، بل وصل معظمهم بشكل قانوني بتأشيرات عمل أو دراسة، ولم يطلبوا اللجوء إلا لاحقا.
في الوقت نفسه، كان معظم الوافدين على متن قوارب صغيرة من أفغانستان.
“الوافدون عبر قوارب صغيرة شكلوا 88% من إجمالي طالبي اللجوء في البلاد”
وأظهرت الأرقام الجديدة انخفاض الإنفاق الحكومي على اللجوء في المملكة المتحدة بنسبة 12%. وبلغ إجمالي الإنفاق 4.76 مليار جنيه إسترليني في السنة المالية المنتهية في آذار/مارس 2025، ما يمثل انخفاضا عن العام السابق الذي بلغ الإنفاق فيه 5.38 مليار جنيه إسترليني.
ويغطي هذا الإنفاق تكاليف وزارة الداخلية المتعلقة باللجوء، بما في ذلك الدعم النقدي المباشر والإقامة، ولكنه لا يغطي تكاليف اعتراض المهاجرين الذين يعبرون المانش.
ولم تتضمن أحدث البيانات التكاليف المحددة للفنادق، لكن أرقام وزارة الداخلية الصادرة في تموز/يوليو أظهرت إنفاق 2.1 مليار جنيه إسترليني على الإقامة الفندقية، بانخفاض العام السابق الذي سجل إنفاق ثلاثة مليارات.
كما أظهرت بيانات العام حتى حزيران/يونيو 2025، أن الوافدين عبر قوارب صغيرة شكلوا 88% من إجمالي طالبي اللجوء في البلاد، بعدد 43 ألفاً. ويمثل هذا الرقم ارتفاعا بنسبة 38% عن العام السابق، ولكنه أقل بقليل من الذروة التي سُجّلت عام 2022 والتي بلغت 46 ألف وافد. وجاء أكثر من نصف الوافدين من أفغانستان وإريتريا وإيران، والسودان وسوريا. ومثّل الأفغان الجزء الأكبر، حيث شكلوا 15% من الوافدين عبر قوارب صغيرة (6,400 شخص).
ومنذ كانون الثاني/يناير 2018، كان ثلاثة أرباع الوافدين عبر قوارب صغيرة من الرجال، بينما لم تتجاوز نسبة الأطفال 16%. وعبر 5,011 طفلا (دون سن 18 عاما) المانش لتقديم طلبات اللجوء خلال العام حتى حزيران/يونيو.
“أشعر بالإهمال”
وكان قد تعهد حزب العمال بإنهاء التراكم بحلول عام 2029، متعهدا بتقليص عدد الوافدين عبر بحر المانش وفتح أماكن إقامة جديدة تديرها الحكومة.
ويأمل الوزراء في إنهاء استخدام الفنادق على المدى الطويل. ومع ذلك، فإن ذلك يعتمد على مدى السرعة التي يتمكنون بها من ترحيل الأشخاص الذين ليس لديهم سبب للبقاء في المملكة المتحدة.
ويُوضع طالبو اللجوء الذين لا يستطيعون إعالة أنفسهم ماليا في مساكن مؤقتة ريثما تنظر السلطات في طلباتهم واستئنافاتهم.
في غضون ذلك، قضت المحكمة العليا يوم الثلاثاء الماضي بوقف إيواء طالبي اللجوء في فندق في “إيبينغ”، بناء على طعن قانوني قدمه المجلس المحلي. وتدرس مجالس محلية أخرى في جميع أنحاء البلاد، بما في ذلك بعض المجالس التي يديرها حزب العمال، اتخاذ إجراءات قانونية مماثلة.
وتحدثت الـ”بي بي سي” مع شاب أفغاني ينتظر البت في ملفه. وكان قد فر الشاب ذو الـ26 عاماً من أفغانستان عام 2023، خوفا على حياته بعد استهداف طالبان لوالده وشقيقه. وبعد وصوله إلى المملكة المتحدة، قدّم طلب لجوء، ووفّرت له وزارة الداخلية غرفة فندق في “يوركشاير”، حيث يقيم منذ ذلك الحين.
يقول الشاب “تهرب من مشكلة، وتجد نفسك الآن في مشكلة أخرى”، حيث رُفض طلبه بعد حوالي عام، وهو الآن ينتظر نتيجة الاستئناف. وأضاف تعليقا على المظاهرات التي تطالب بعدم إيواء طالبي اللجوء في الفنادق، “كل ما أردناه نحن طالبو اللجوء هو مأوى، لذا وضعتنا الحكومة في فندق. لم يكن هذا خيارنا. لم نفعل شيئا”.

كما تحدثت الـ”بي بي سي” مع طالبة لجوء كاميرونية أخرى، قالت إنها تشعر بأنها “مُهمَلة” و”عالقة” في نظام اللجوء. لم ترَ السيدة ابنها البالغ من العمر ست سنوات منذ أن غادرت الكاميرون هربا من العنف قبل ثلاث سنوات.
وبانتظار نتيجة طلبها، تعيش في منزل مشترك مع طالبي لجوء آخرين وفرته لها وزارة الداخلية في شمال شرق إنكلترا. يأتي مدير المنزل بانتظام لتنظيف غرفة نومها والتأكد من عدم وجود أي ممنوعات فيها، مثل جهاز تلفزيون.
وأشارت السيدة إلى أنها فكرت في إنهاء حياتها في مرحلة ما، “كنت بحاجة إلى التوقف عن العيش. كان الأمر فوق طاقتي”. وتحلم طالبة اللجوء بالتطوع أو تدريب نفسها على مهارات جديدة، لأنها لم تعد قادرة على العمل أو الدراسة.
تقاذف الاتهامات بين الأحزاب السياسية البريطانية
وصرحت وزيرة الداخلية إيفيت كوبر بأن حزب العمال “عزز ضوابط التأشيرات والهجرة في بريطانيا، وخفض تكاليف اللجوء، وزاد بشكل كبير من إجراءات إنفاذ القانون وعمليات الإعادة”. كما ألقت باللوم على “نظام الهجرة واللجوء المُعطّل”، وقالت إن حكومة المحافظين السابقة تركته في حالة من الفوضى.
ومن جانبه، قال وزير الداخلية في حكومة الظل، كريس فيلب، إن الحكومة “فاشلة” وفقدت السيطرة على حدودنا.
وعلقت ليزا سمارت، المتحدثة باسم الحزب الليبرالي الديمقراطي، بأن تراكم طلبات اللجوء “كان كبيرا جدا لفترة طويلة جدا”. وقالت “لقد دمّر المحافظون نظام الهجرة لدينا وتركوا الأعداد تتزايد. والآن، تفشل حكومة حزب العمال هذه في السيطرة على الأزمة”.


