ازدواجية البطاقات الصحفية في سوريا : تنظيم للإعلام أم رقابة مضاعفة؟

بعد سقوط نظام بشار الأسد في الثامن من كانون الأول الماضي، دخل قطاع الإعلام السوري مرحلة جديدة من محاولات التنظيم وإعادة الهيكلة، تمثلت بإطلاق بطاقتين صحفيتين متوازيتين : بطاقة صادرة عن وزارة الإعلام، وأخرى أطلقها اتحاد الصحفيين السوريين.

ففي منتصف كانون الثاني 2025، أعلنت وزارة الإعلام عن فتح باب التسجيل للحصول على بطاقتها الخاصة، مؤكدة أنّ الهدف هو “تسهيل عمل الإعلاميين ودعم رسالتهم في خدمة المجتمع”، مع اشتراط إدخال بيانات دقيقة وتقديم إثباتات مهنية. وتتميز البطاقة بوسائل أمان متطورة، مدة صلاحيتها عام واحد، ورسوم رمزية لا تتجاوز خمسة دولارات.

أما اتحاد الصحفيين السوريين، فبعد إعادة تشكيله في شباط، أطلق بدوره بطاقة عضوية نقابية جديدة، حدد شروطها بأن يكون المتقدم سورياً مارس المهنة ثلاث سنوات على الأقل وحاصلاً على شهادة الثانوية كحد أدنى، مقابل رسوم بلغت 250 ألف ليرة للعاملين في القطاع العام و350 ألفاً للخاص، مع إتاحة الانتساب إلكترونياً أو عبر مكاتبه في المحافظات.

ويرى مراقبون أنّ الإعلان عن بطاقتين منفصلتين يطرح تساؤلات عن الدوافع الحقيقية وراء ذلك: هل الهدف تحسين بيئة العمل الإعلامي وتنظيم القطاع، أم فرض رقابة مزدوجة على الصحفيين؟ إذ يجد الإعلامي نفسه اليوم أمام خيارين: بطاقة الوزارة التي تُعد شرطاً قانونياً للعمل وتمنحه صفة شرعية، وبطاقة الاتحاد التي تمنحه امتيازات نقابية وتسهيلات مهنية.

المسؤولون من الجهتين شددوا على الاختلاف في طبيعة البطاقتين، حيث أكدت وزارة الإعلام أنّ بطاقتها “رسمية وتنظيمية” بينما اعتبر الاتحاد أن بطاقته “هوية نقابية طبيعية”. ومع ذلك، فإن وجود مرجعيتين قد يزيد من تعقيد المشهد الإعلامي بدل تبسيطه.

ومع استمرار الغموض حول مستقبل هذه الخطوة، يبقى الصحفي السوري أمام تحديات يومية تبدأ من الإجراءات البيروقراطية والرسوم المالية، ولا تنتهي عند هواجس استقلالية المهنة وحرية الوصول إلى المعلومات، ما يفتح الباب أمام تساؤلات مفتوحة: هل تسير سوريا نحو تنظيم مهني حقيقي للإعلام، أم نحو طبقات إضافية من التعقيد والضبط السياسي؟

.

؟

مصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى