تستوقفني بعض المسائل في هلاك سمير القنطار، أولها أنني لا أنكر أن الرجل قام بعملية نهاريا عام 1979، غير أنني لا أنكر في الوقت نفسه، أنه خرج من سجن العدو، بإجازة جامعية، وزاد وزنه ثلاثين كيلو غرام. كما لا أستطيع أن أتجاهل ألبتة، أنه هلك في سورية حيث كان يخطط مع بشار الأسد وحسن نصر الله لقتل ما تبقى من شعبنا أو تهجيره.
لم يكن القنطار في جرمانا لتوزيع الورود على “جرحى البراميل”، ولم يكن فيها ليتبرع بأطراف صناعية “لأطفال سكود”. لقد كان هناك إرهابياً، يستمتع بذبح السوريين وتدمير أبنيتهم وحرق مدنهم. ولأن العبرة بالخواتيم، فقد هلك الرجل طائفياً بغيضاً أقرب إلى مجرمي الحرب، إذ وقف ضد شعب يطالب بحريته. أسعدني هلاكه، وشمِت فيه وبسادته، نصر الله، وبشار، متمنياً أن يلقيا المصير نفسه.58033a405b6ec893c1194ebfbd1bbd9e
النقطة الثانية، أن القنطار، “اليساري ابن الشيعة” الطائفي المقيت، قُتل في حضن أبيه الأسد، وتحت ظل الصواريخ الروسية إس 400، ولم تغن عنه وعود الحماية التي أطلقها له حزب الله، وبشار وإيران. فبينما كان سمير غارقاً في دماء السوريين، تحت حماية”جيش النظام” جاءه الاغتيال وطويت صفحته بعلامة سوداء.
بقطع النظر عن قاتله، الصهاينة، أو الثوار، أو الخطأ الروسي، فإن الأسد والشبيحة لم يشفعا له. ولا شك أن المسألة أشدّ، إن كانت الطائرات الصهيونية فعلتها، إذ يعني هذا أن صواريخ بوتين ومقاتلاته احتلت سورية لا لحماية الأسد وأنصاره، بل لحماية مصالحها وجنودها. أو أن إس 400 أشبه ببرادات الحافظ محلية الصنع، التي تفعل كل شيء إلا التبريد. وبالنتيجة فقد كان هلاك القنطار عاراً على الأسد وأتباعه.
الثالثة، أن أذكر القارئ الكريم أن الأسدين الأب والابن، اشتهرا بالعجز عن حماية أذنابهما، فكما سُحق القنطار في حضن بشار، قتل عماد مغنية في الحضن نفسه، واحتفظ “القائد” بحق الرد إلى يوم الحشر، كما هلكت خلية الأزمة أمام عينيه، كذلك فإن حافظ الأسد تعهد بحماية أوجلان، ثم سلمه إلى تركيا مع أول نفخة نفخها عليه سليمان ديميرل.
الرابعة، أن عائلة الأسد الطائفية لا تعتني بأتباعها ولا تصدقهم الوعد، فالمهم أن تحافظ على كراسيها، وعلى “الوجود العلوي” بوصفه زعيماً، ولعل أهم ما أذكر في هذا المجال، هو التخلص من رمضان البوطي الذي قتله الأسد بدم بارد وفي قلب المسجد، لمجرد أن يؤكد فكرة وجود الإرهاب في سورية. ولا أستبعد أن يكون للأسد دور في تسليم مغنية والقنطار أيضاً.
بقي في النقطة الرابعة، أن أحذر المتخاذلين من المعارضة، الطامعين في التعاون مع الأسد، من مصير أمثالهم، وألفت نظرهم، أن بشاراً هذا سيتخلص منهم في أول فرصة، ولن ينفع بعض ضباط المعارضة إعلان انضمامهم إلى “الجيش العربي السوري” في قتال الإرهاب. فقد أطلق الجنود العلويون النار على زملائهم السنّة خلال حرب تشرين عام 1973 بدل أن يطلقوها على العدو. كما أرسل حافظ الأسد الطيارين السنّة إلى سماء لبنان في الثمانينيات ليتم إسقاط طائراتهم والتخلص منهم، واللبيب من الإشارة يفهم.