
أسامة عثمان بين النقد والتحيز : قراءة في خطاب التشدّد والرمزية المفقودة … مرهف مينو
يثير أسامة عثمان، في ظهوره الأخير، تساؤلات جدّية حول الدوافع التي تقف خلف خطابه التصعيدي تجاه الحكومة السورية الحالية.
فالسردية التي قدّمها تقوم على مقارنة تعسّفية بين المنظومة القائمة اليوم ونظام الأسد، وهي مقارنة تفتقر إلى الحدّ الأدنى من الدقة السياسية والأخلاقية، وتظهر سطحية واضحة في فهم تعقيدات المشهد السوري وتحوّلاته.
فالخلط بين أدوات الدولة الجديدة وبين آلة القمع القديمة لا يخدم الحقيقة بقدر ما يخدم رغبة صاحب الخطاب في الحفاظ على موقع رمزي كان قد تشكّل حوله في مرحلة معينة، ثم بدأ يتآكل مع تغيّر الظروف وتراجع دوره الفعلي.
والأخطر أن هذا النوع من الخطاب يلتقي، موضوعياً، مع حملات التشكيك بإنجازات الثورة وبالتحوّل العسكري والسياسي الذي شهده البلد، وكأن سقوط النظام وغياب رموزه مجرّد “فيلم سخيف” كما احتفى بذلك بعض خصوم الثورة المعروفين بتشويههم المتواصل لمسارها.
وإذا كان من حقّ أسامة عثمان أن يعبّر عن رأيه، مهما كان حادّاً أو مستفزّاً، فمن حق السوريين أيضاً أن يتساءلوا عن سبب إصراره على تعطيل مسار رفع العقوبات، أو تأجيل شهادته في ملفات تمسّ حياة ملايين السوريين، في الوقت الذي يعيش فيه في الخارج بظروف مريحة وموارد وفيرة.
فتصوير نفسه كسلطة فوق السلطة، أو كمرجعية تُملي على القيادة السورية ما يجب وما لا يجب، يكشف رغبة دفينة في استثمار الملف الإنساني لتحقيق مكاسب شخصية ورمزية، أكثر مما يكشف عن حرص حقيقي على العدالة أو حقوق الضحايا.
هذا الخطاب لا يُسهم في بناء دولة جديدة، ولا يكرّس نقداً بنّاءً، بل يعمّق الشرخ بين من يدّعون تمثيل “قضية حقوق الإنسان” وبين الشعب السوري الذي يبحث اليوم عن الخلاص الاقتصادي والاجتماعي والسياسي.
وفي النهاية، يبقى من حق الجميع التعبير، ويبقى من حقنا أن نفضح التضليل حين يكون التضليل جزءاً من خطة لصناعة نفوذ لا يستند إلى أي شرعية أخلاقية أو ثورية.



