سوري يفتح باب كشف أكبر عملية تزوير وثائق في ألمانيا
فتح لاجئ سوري في ألمانيا الباب للكشف عن أكبر شبكة تزوير شهادات لغة في البلاد، بعدما تحدث أمام قاض بلغة ألمانية ضعيفة رغم أنه حاصل على شهادة B1 باللغة الألمانية، مما دفع القضاء الألماني للتمحيص في صحة أوراقه، ليتبين أنه حصل على شهادة اللغة عن طريق دفع المال، ويتم بذلك أيضاً القبض على المتورطين الذين جمعوا نحو 1.7 مليون يورو من بيع ألف شهادة لغة مزورة.
وفي التفاصيل، فقد ضبطت السلطات الألمانية في ولاية شليسفيغ هولشتاين شمال البلاد واحدة من أكبر عمليات تزوير الشهادات على مستوى البلاد، وأوقفت السلطات مدير مركز الامتحانات في إحدى مدارس اللغة بمدينة “إكيرنفورده” حيث يقال أنه جمع ما لا يقل عن 1.7 مليون يورو من خلال بيع شهادات اللغة الألمانية للاجئين كونها شرطا أساسيا للتجنس، ويمثل المتهم الآن أمام المحكمة الإقليمية بمدينة لوبيك.
وبدأت القصة وفق ما نقلت “صحيفة شليسفيغ هولشتاين” الألمانية SHZ في تقرير لها عندما مثل السوري “نصر أ.” أمام محكمة لوبيك بجانب مترجم فوري ولاحظت المحكمة أن “نصر” الذي لجأ إلى ألمانيا عام 2015 يتحدث الألمانية بشكل متعثر رغم أنه قدّم لمكتب الأجانب في منطقة “شرق هولشتاين” في أيار/مايو 2021 شهادة إتمام المستوى B1 في اللغة الألمانية وحصل بموجبها على الإقامة الدائمة وعاود بموجب ذات الشهادة التقدم للجنسية الألمانية في العام التالي.
وفقاً لشهادة اللغة التي حاز عليها “نصر أ.” يُفترض أنه قد اجتاز الامتحان في مدرسة اللغات في مدينة “رندسبورغ” ونفت المدرسة ذلك للمحكمة وأوضحت أن نظام المدرسة لا يسمح بمشاركة طلاب من خارج المدينة” وقارن الخبراء في المحكمة بين نماذج الخط في الامتحان الأول الذي رسب فيه المتهم عام 2018 وبين ورقة الامتحان لعام 2020 التي اجتازها بنجاح كبير وكانت النماذج مختلفة بشكل كبير.
كيف يتم الترويج للشهادات المزورة؟
وذكرت الجريدة في تقريرها أن شرطة الجنايات في مدينة فلنسبورغ فتشت في بداية عام 2022 المركز وعثرت خلال ذلك على أوراق امتحانات مزورة، وأبلغت جميع سلطات الهجرة بأسماء المحتالين المشتبه بهم. وقال رئيس المباحث الجنائية بعد استدعاء أحد محققي الشرطة كشاهد، إن المشتبه الرئيسي كان يعمل مع شركاء روجوا في الأسواق العربية والمقاهي ومحال الحلاقة للشهادات المزورة عبر ما سماها “الدعاية الشفهية”.
ويتوقع رئيس المباحث أنه تم بيع نحو 1700 إلى 2000 شهادة لغة مزورة مقابل 1000 يورو لكلّ واحدة، منها 450 في شليسفيغ هولشتاين و300 في بريمن، بينما تتوزع البقية على هامبورغ، أولدنبورغ، إيسن، دويسبورغ، بوخوم، ومناطق حول بحيرة كونستانس”
ويرى رئيس التحقيق في المحكمة أن نسبة النجاح في هذه الامتحانات كانت ملفتة للنظر، حيث تراوحت بين 95 إلى 100 بالمئة للحصول على شهادة B1. ووفقًا للمكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين (Bamf)، فإن نسبة النجاح للمشاركين العرب لا تزيد عادةً عن 40% ما أثار شكوكاً كبيرة لدى المحكمة.
أكبر مركز امتحاني وطرق احتيال متعددة
ووفقاً للصحيفة فإنه قد جرت “امتحانات غير نظامية بالكامل” و”امتحانات تم التلاعب بها جزئياً”. ولإجراء الامتحانات غير النظامية بالكامل، استغل المتهم غرف إحدى الجمعيات في “إكيرنفورده” لإجراء الامتحانات فيها. وكان يجري المركز في ذروة فترة جائحة كورونا من 2020 إلى 2021، امتحاناً كل عطلة نهاية أسبوع لما يصل إلى 100 شخص في المرة الواحدة مما يجعله خلال تلك الفترة، أكبر مركز امتحانات في ألمانيا.
ولم يتضح بعد ما إذا كان المتقدمون للامتحانات قد حضروا فعلاً، وقال المحقق: “كانت طرق التلاعب متنوعة.. نعلم من التحقيقات أنه في بعض الأحيان كان يجب النسخ من نماذج، ولم يتم اختبار مهارات التحدث بشكل فعلي، كل هذا كان يمكن أن يحدث في المنزل”.
وأضاف: “كان هناك أيضًا أشخاص لم يكتبوا شيئًا على الإطلاق، بل انتظروا ببساطة أن يتم إرسال الشهادة لهم بالبريد”. ومما أثار الريبة لدى المحكمة هو أن محضر الامتحان كان يجب أن يوقعه المراقبون وتعتقد الصحيفة أن المدير المتهم زوّر توقيعات المراقبين.
وبالعودة إلى قضية السوري الذي فتح الباب على الكشف عن أكبر شبكة تزوير، فقد حكمت المحكمة على “نصر أ.” بغرامة مالية قدرها 2000 يورو، بتهمة الحصول على تصاريح إقامة بطرق غير مشروعة، تُدفع على أقساط بقيمة 150 يورو.
وقالت المحكمة للمتهم: “لقد كنت تعمل بانتظام في ألمانيا وأظهرت دافعًا كبيراً للاندماج، لكن هذا الطريق كان الطريق الخطأ” ويرى حقوقيون أن هذه القضية قد تحرم المتهم من الحصول على الجنسية الألمانية لعشر سنوات على أقل تقدير.