كيف تختلف حكاية المصباح السحري بين السينما العربية والغربية؟
لا تزال صورة المرأة الشرقية في سياق السينما العالمية ومن خلال حكاية المصباح السحري وعلاء الدين، ضعيفة ومغلوباً على أمرها، وذلك لكونها عرضة للاستغلال من قبل الرجل حتى لو وصلت إلى مرتبة أميرة.
ويمكن ملاحظة ذلك من خلال رصد تحركات حكاية علاء الدين ومصباحه السحري شرقاً وغرباً، التي بثت عبر قوالب عدة خلال عشرات الأعوام.
تبادل ثقافي وفني
ولكن اللافت في التبادل الثقافي والفني الذي كونته الحكاية الشهيرة بين الحضارتين العربية والغربية، أنه ظل حبيساً في إطار السينما العربية ضمن متلازمة المرأة الضعيفة التي يستغلها الرجل الشرقي.
فيما يقوم البطل في القصة الغربية دائماً بتشجيعها وتحفيزها لتصبح أكثر قوة وتنال كامل حقوقها، إذ يحاول الوزير (جعفر) في الحكاية الشرقية الزواج من الأميرة (ياسمين) لضمان منصب السلطان، لولا تدخل لص الشوارع علاء الدين، لذلك تعرض النسخة الغربية في (هوليوود) من خلال (ديزني) تحديداً، شخصية الأميرة العربية ضمن سياق الضعف وقلة الحيلة ولا تضعها في سياق الطيبة.
ألف ليلة وليلة
ظلّت حكاية المصباح السحري الذي يعثر عليه (علاء الدين) متداولة حتى يومنا هذا، وتعود الحكاية إلى زمن الكتاب العربي الشهير “ألف ليلة وليلة” قبل قرون عدة من الزمن، إذ وصلت الحكاية إلى هوليوود منذ عشرينيات القرن الماضي عبر المخرج راؤول والش الذي قدّم القصة تحت الاسم الأكثر تداولاً لها في الغرب وهو “لص بغداد” وكان ذلك تحديداً عام 1924.
نواة حكاية اللص الظريف
ويعود سبب استمرار تداول هذه الحكاية لفترة زمنية طويلة إلى عوامل عدة أهمها كونها جسدت نواة حكايات اللص الظريف في عالم الأدب والسينما قديماً وحديثاً، إضافة إلى بنائها السهل الذي يجمع في ثنايا الحكاية/الحبكة، ثلاث شخصيات متناقضة للغاية وهي اللص علاء الدين أو جرذ الشوارع المتشرد كما تطلق عليه (ديزني)، والأميرة الساحرة (ياسمين)، إلى جانب شخصية المارد أو الجني المحبوس في مصباح قديم مخبأ داخل كهف في أعماق الصحراء العربية.
شخصية الشرير
يلعب الوزير الطامح إلى الحكم (جعفر) دور الشرير الذي تتمحور حوله الأحداث في كثير من مراحل الحكاية، ووفق البناء العربي القديم للحكاية في زمن المدينة العربية الأشهر بغداد، حاضرة الخلافة العباسية، فإن جعفر يريد الزواج من الأميرة بأي ثمن ليضمن الوصول إلى سدة العرش، ولذلك تظهر الأميرة (ياسمين) في الرؤية العربية للفيلم بدور الفتاة الطيبة، لكنها في الرؤية الغربية عبارة عن فتاة ضعيفة، وهنا تكمن المفارقة الكبرى بين الحكايتين شرقاً وغرباً، إذ تركّز كل الأفلام التي أنتجتها “ديزني” للحكاية وخصوصاً نسخة فيلم (ALADDIN) 2019 على فكرة تشجيع ياسمين للتصدي لجعفر وحتى أنها تحرّض الأميرة على الوصول إلى مركز السلطان.
علاء الدين 2019
حقق فيلم ديزني “علاء الدين” ALADDIN للمخرج (غاي ريتشي) إيرادات بلغت مليار دولار في جميع أنحاء العالم، وكان بذلك تاسع أعلى فيلم دخلاً في ذلك العام، والفيلم الـ34 الأكثر دخلاً على الإطلاق.
وقام ببطولة العمل الممثل (مينا مسعود) الذي أدى دور لص بغداد علاء الدين إلى جانب (نعومي سكوت) في دور أميرة (أغربة) المدينة العربية الخيالية، فيما تولى الممثل (ويل سميث) دور المارد أو الجني المحبوس في قمقمه.
وجاء العمل الذي أنتجته “ديزني” اقتباساً من فيلم الرسوم المتحركة بالاسم نفسه عام 1992، الذي جاء بدوره اقتباساً من الفيلم الأشهر “لص بغداد” الذي أنتجت هوليوود منه نسخاً عدة، منها نسخة عام 1942، فيما تعود قصة العمل إلى الحكاية الأصلية المأخوذة من كتاب “ألف ليلة وليلة”.
القصة
وفق موقع الفيلم تقول “ديزني”، إن علاء الدين ما هو إلا (جرذ شوارع) أو لص ظريف، يجوب طرقات سوق كبيرة مزدحمة مع صديقه المخلص القرد (أبو) فيصادف الأميرة (ياسمين) ويقع في غرامها، لكنه يذهب للسجن ويتورط في مؤامرة لحكم المملكة يخطط لها مستشار السلطان (جعفر) الطامح للحصول على مصباح قديم غامض لديه قوة سحرية، لذلك فإن حكاية علاء الدين تتكرر ذاتها ليس فقط في رواية “ديزني” ولكن في جميع الأفلام والأعمال التي أخذت من القصة، والتي بلغ عددها عشرات أو مئات الأعمال بين رسوم متحركة ومسلسلات وغيرها، لكن بعض التغييرات تدخل على القصة وتتلاعب بالحبكة وفق المرحلة الزمنية والبيئة التي يعرض خلالها العمل.
قصة عام 1960
جاء فيلم “الفانوس السحري” للمخرج فطين عبدالوهاب عام 1960 وهو من بطولة إسماعيل يس وعبدالسلام النابلسي، في مرحلة بدايات السينما المصرية، ويمكن القول إن شخصية (ياسمين) بطلة الحكاية، ألغيت من الفيلم تماماً، لتحل محلها شخصيات نسائية عدة وذلك كون الفيلم عالج الحكاية بأسلوب كوميدي فنتازي محض.
فعلاء الدين ضمن حبكة إسماعيل يس هو مصطفى الفرّاش في شركة المنسوجات، الذي يعاني تسلط مديره (مرسي) المتزوج من امرأة تحب المال كثيراً، وحين يحوز مصطفى على الفانوس السحري يأمر المارد (عفركوش) أن يجعله المدير بدلاً من (مرسي)، ومن الملاحظ أن شخصية المرأة ضمن الحكاية العربية عام 1960 هي الشخصية الشريرة وليس الرجل.
أخيراً، لحظت حكاية الفانوس السحري وعلاء الدين تشعبات كثيرة في السينما العربية والعالمية، لذلك ظهرت عربياً أعمال كثيرة تستلهم جزءاً من الفكرة أو تحرّفها لتضعها في سياق آخر للخرافة ولكن ضمن القالبين الكوميدي والأكشن معاً، وفي هذا السياق ظهر فيلم لص بغداد 2020 للمخرج أحمد خالد موسى ومن بطولة محمد عادل إمام.