“5.6 مليار دولار ضائعة”… من يرث إمبراطورية المخدرات التي أقامها نظام الأسد؟
الكبتاغون... تجارة الموت التي دمرت الشرق الأوسط
عندما وصل القائد العام للإدارة السورية الجديدة، أحمد الشرع، إلى دمشق، وألقى خطاب النصر بعد العملية الخاطفة التي أطاحت بنظام بشار الأسد، حملت كلماته رسالة غابت عن انتباه الكثيرين. أشار الشرع إلى أن “سوريا كانت أكبر مصنع للكبتاغون في العالم، واليوم تتطهر بفضل الله”.
الكبتاغون، المخدر المعروف بـ”كوكايين الفقراء”، انتشر في الشرق الأوسط خلال العقد الأخير، مستغلاً انهيار الاقتصاد السوري بسبب الحرب والعقوبات الدولية. أصبحت سوريا مركزاً لتصنيع هذه المادة، إذ قدّر البنك الدولي حجم تجارتها السنوية بنحو 5.6 مليار دولار، ما جعلها مصدر دخل رئيسياً للنظام السابق.
الأدلة أظهرت أن تصنيع الكبتاغون وتوزيعه لم يكن مجرد نشاط لعصابات إجرامية، بل عملية منظمة يقودها النظام نفسه. بعد سقوط النظام، انتشرت مقاطع فيديو تظهر غرفاً مليئة بالحبوب المخدرة داخل منازل يعتقد أنها تخص عائلة الأسد. كما عُثر على كميات ضخمة من الكبتاغون في قواعد عسكرية، دمرتها المعارضة.
التحدي أمام القيادة الجديدة
التحدي الأبرز الذي يواجه الإدارة الجديدة هو التعامل مع إرث هذه التجارة، بدءاً من الإدمان المنتشر بين سكان سوريا ودول الجوار، ووصولاً إلى تفكيك شبكات الإنتاج والتهريب. أحمد الشرع، المعروف سابقاً بـ”أبو محمد الجولاني”، يواجه أسئلة ملحة: كيف سيُعاد تأهيل المدمنين؟ وكيف يمكن منع تحول هذه التجارة إلى مصدر دخل لمجرمين جدد؟
انتشار الكبتاغون أدى إلى أزمة أمنية حقيقية، حيث اتهمت دول مجاورة، مثل الأردن والسعودية، قوات النظام السابق بالتورط المباشر في تهريب المخدرات. عززت هذه الدول إجراءاتها الأمنية للحد من التهريب، وسط تزايد الاشتباكات مع المهربين.
يعتقد عصام الريس، المهندس العسكري المنشق، أن النظام الجديد بحاجة إلى استراتيجيات شاملة لوقف التجارة. تشمل هذه الاستراتيجيات تعزيز برامج إعادة التأهيل للمدمنين، وتوفير فرص عمل بديلة للمواطنين الذين يعتمدون على هذه التجارة لكسب رزقهم.
كارولين روز، الخبيرة في تهريب المخدرات، تحذر من أن التركيز فقط على قطع الإمدادات دون تقليل الطلب قد يدفع المدمنين للانتقال إلى مخدرات أخرى، مثل الكريستال ميث، الذي بدأ يظهر كبديل للكبتاغون.
يشدد الخبراء على ضرورة دعم المجتمع الدولي لسوريا الجديدة، سواء عبر المساعدات الإنسانية أو تخفيف العقوبات، لتوفير بدائل اقتصادية تسهم في بناء اقتصاد قانوني ومستدام، وتمنع إعادة انخراط السوريين في النشاطات غير المشروعة.
التحديات هائلة، ولكنها ليست مستحيلة. نجاح الإدارة الجديدة في تطهير البلاد من تجارة المخدرات سيعزز مكانتها داخلياً وإقليمياً، ويمهد الطريق لاستعادة سوريا استقرارها واقتصادها.
بتصرف عن bbc