جهاد الحسين.. نجم سوري رفض منتخب الأسد ودفع الثمن غالياً

برز اسم جهاد الحسين كلاعب متميز في الكرة السورية، لكنه لم يكن مجرد نجم رياضي، بل كان أيضاً صاحب موقف سياسي واضح، إذ رفض تمثيل منتخب النظام السوري، دعماً للثورة السورية، رغم الضغوط الهائلة التي تعرض لها.

في آب 2011، وبعد استبعاد المنتخب السوري من تصفيات كأس العالم 2014 بسبب إشراك لاعب سبق له تمثيل السويد، أعلن الحسين اعتزاله اللعب دولياً. لم يكن ذلك القرار مجرد موقف رياضي، بل جاء رداً على سياسات النظام البائد، الذي حاول استغلال المنتخب كأداة ترويجية لصالحه.

ورغم محاولات النظام المتكررة لإعادته إلى صفوف المنتخب، خاصة خلال تصفيات كأس العالم 2018 وكأس آسيا 2019، رفض الحسين العودة مؤكداً موقفه المبدئي.

ثمن الموقف.. الاعتقال والملاحقة

قرار الحسين بدعم الثورة السورية لم يمر دون عقاب، حيث وضعه النظام على قوائم المطلوبين، ما أجبره على الابتعاد عن وطنه لأكثر من 14 عاماً. كما تعرض والده للاعتقال عام 2015 بتهمة وحيدة هي “أنه والد جهاد الحسين”، في محاولة للضغط عليه للعودة.

لم تتوقف الضغوط عند هذا الحد، فقد تم الحجز على أملاكه في سوريا، ووجهت إليه اتهامات بدعم وتمويل الإرهاب، فقط لأنه رفض تمثيل منتخب اعتبره أداة لتلميع صورة النظام دولياً.

بعد سقوط النظام، عاد جهاد الحسين إلى مسقط رأسه، ليحظى باستقبال حافل من جماهير نادي الكرامة، التي لم تنسَ مواقفه المشرفة. نشر النادي صوراً لاستقباله مع تعليق جاء فيه: “أسطورة صناعة اللعب، وناثر السحر في ذكريات جميع الكرماويين، يعود إلى بيته الأول في حمص”.

……………………..

شهادة على الفساد الرياضي

لم يكتفِ الحسين برفض تمثيل النظام، بل كشف أيضاً عن حجم الفساد والمحسوبيات التي نخرت جسد الكرة السورية. وأوضح أن بعض مدربي المنتخب كانوا يتلقون أوامر مباشرة من ضباط المخابرات لاختيار لاعبين بعينهم.

وأكد أن الفساد كان أكثر وضوحاً في الفئات العمرية الأصغر، حيث كانت القرارات تخضع للرشاوى والمحسوبيات بعيداً عن المعايير الرياضية الحقيقية.

اعتزال في القمة 

في عام 2020، وبعد مسيرة حافلة في الملاعب العربية، أعلن جهاد الحسين اعتزاله وهو في قمة عطائه، بعدما أصبح أفضل صانع ألعاب في الدوري السعودي. لكنه لم يبتعد عن الكرة، بل دخل عالم التدريب مباشرة، حيث يشرف حالياً على تدريب نادي التعاون السعودي لفئة الشباب، محققاً نجاحات كبيرة في هذا المجال.

في وقت استجاب بعض اللاعبين لضغوط النظام وعادوا إلى صفوف المنتخب، أكد الحسين أن قراره كان نهائياً، مشيراً إلى أن الحكم على من عادوا ليس بيده، بل بيد أهالي الشهداء الذين دفعوا الثمن الأكبر في هذه الثورة.

رغم كل ما عاناه، لا يزال جهاد الحسين صامداً، متمسكاً بمبادئه، داعماً للرياضيين الشرفاء الذين يسعون لإصلاح الرياضة السورية بعيداً عن هيمنة النظام. فهو لا يرى في المنتخب أداة للتمثيل السياسي، بل يعتبره رمزاً يجب أن يعكس إرادة الشعب، وليس إرادة السلطة.

 

 

 

متابعة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى