ليسوا سواء … د. أسامة الملوحي

حافظ الاسد لم يكن مثقفاً أو قارئاً ولكن يبدو أنهم قد علموه أو أرشدوه لفحوى ما كتبه ابن خلدون من أن السيطرة على الحكم لابد لها من عصبية وعصبة يعتمد عليها … يستخفها ويخدعها فتطيعه وتمكنه وتعتاش على فتاته وتضرب بسيفه .
وهكذا فعل وأراد لفعله أن يكون مخفياً بشكل رسمي وخارجي وأخفى ذلك وراء شعارات قوية رنانة مؤثرة فيها الصمود والتصدي وفلسطين ولكنه داخل البلاد سمح وتعمد إبلاغ كل المواطنين السوريين أن الحكم للعلويين والسيطرة للعلويين والهيبة للعلويين واستخدم كل شيء لإظهار ذلك للسوريين وإقناعهم وخلق خوفا رهيبا من العلويين واستخدم الاعتقال و التعذيب لأقصى حد ضد كل من يتساءل او يعترض … والغريب أنه صنع في وقت قياسي رمزية إرهابية رادعة للخوف والرعب وصارت لهجة أهل الجبل تكفي معززة بقفا الكريك .
لقد علون الدولة ووجد العلويون أنفسهم أمام طرق سهلة لكسب الرزق واستثمار الفرص وتصيدها خاصة اذا دخلوا الجيش والفروع من كل نوع ورقم …. فرع مخابرات او فرع حزب او فرع مؤسسة .
واستجاب كثيرون وانحرف كثيرون وقلدهم من باقي مكونات الشعب كثيرون وأصبح من يتقن لهجة الجبل وعنده قفا كريك يمارس العلونة ويستثمرها .
ومرت السنون وخلالها تمكن النظام الأسدي وتحكم وأصبح مسيطراً حتى على الألسنة في البيوت وغرف النوم …لقد أصبح نظاماً قوياً جداً عصياً على الزوال والتفكك ولكن الدولة تفككت وتفكك المجتمع وتفككت القيم وتجلت قوة النظام وتفكك الدولة والمجتمع بالتوريث المعيب المهين .
كل ذلك هو عند السوريين معلوم ومعروف ولكننا اختصرناه وأجملناه لنقول بعدها…وماذا عن الذين لم ينساقوا؟ .. ماذا عن العلويين الذين شاهدوا ما فتح أمامهم من فرص وإغراءات وعروض ولكنهم لم ينحرفوا ولم ينخرطوا؟ .
ماذا عن العلويين الذين لم يشاركوا النظام بالإجرام ولا بالفساد؟
ماذا عن العلويين الذين لم يقتلوا ولم يحرضوا على القتل ولم يفرحوا بالقتل؟؟؟
ماذا عن العلويين الذين لم يسرقوا ولم يبتزوا ولم يشاركوا في سرقة ثروات الوطن؟ .
ماذا عن العلويين الذين تأكدوا أنهم يمكن أن يفعلوا كل الموبقات باسم العلونة وبدون عقاب أو حساب ولكنهم لم يفعلوا ؟.وصمدوا في طريق الاستقامة والخير والوطنية .
ابحثوا عن هؤلاء اليوم وانبشوا الأرض لتعلموا اين هم … وكل واحد منهم مازال حياً لابد لصالح الوطن أن يعلن عن نفسه وأن يقول هاأناذا .
قد تعتقدون أن هؤلاء مواطنون محترمون جيدون وأنا أقول أن هؤلاء هم خيرة أبناء الشعب السوري قاطبة وحيثما وجدتم وتأكدتم من أمثال هؤلاء فاجعلوهم على رأس أعمالهم ومجالاتهم …. إنهم الصفوة أيها السادة….كان بإمكانه أن ينحرف ولم يفعل…كان بإمكانه أن يسرق ولم يفعل . كان الإغراء شديدا ولكنه بقي نظيف اليد والوجدان…وكما قال الصالح البائع وسط النساء لأخيه الراهب المعتكف وسط الجدران …. التقوى بين السيقان وليس بين الحيطان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى