الانسحاب الروسي من سوريا.. عودة إلى الوطن أم كارثة مستمرة؟
بات الكلام عن الانسحاب الجزئي للقوات الروسية من سوريا، حديث الشارع السوري بكافة فئاته الموالية والمعارضة خلال الأربعة والعشرين ساعة الماضية، لا سيما بعد أن ذاقت الفئة المعارضة منه على وجه الخصوص الويلات خلال أربعة أشهر من العمليات العسكرية، بعد أن قام الطيران الروسي المشارك في العمليات داخل سوريا بقصف المناطق المأهولة بالسكان والخارجة عن سيطرة حليفه “النظام السوري”، بمئات من الغارات الجوية، متبعاً بذلك سياسة إبادة ممنهجة بحق المدنيين في عموم المناطق المحررة في سوريا.
القرار الذي صدر عن الرئاسة الروسية يوم أمس الاثنين، تبعه ردود افعال كثيرة ومتباينة في أوساط السوريين المعارضين، فقد اعتبر الكثيرون بأن الانسحاب الروسي وضع رأس النظام “بشار الأسد” وجيشه الفاشل ومرتزقته الشيعة على المحك، مؤكدين أن القتال لو عاد الآن لن يتمكن الأسد
من حماية منزله حتى، بالتزامن مع انقطاع الدعم الجوي الذي كان يوفره الطيران الروسي له، في حين انعكس الموقف عند البعض الآخرين، الذين أصيبوا بحالة من التوتر والخوف المبطن من هذا الانسحاب، بسبب قناعاتهم بأن النظام وحليفته روسيا على وجه الخصوص ينتهجون سياسة ماكرة، ولا يقومون بأي أمر إلا إن كان يخدم مصالحهم أو سيحقق شيئاً من غاياتهم مستقبلاً، ولا يوجد لديهم أدنى سعي للسلام الذي يتحدثون عنه ويتذرعون به.
“عمر”، نازح سوري في إحدى الخيام التي تآكل جزء منها بفعل الأمطار الغزيرة والسيول، يعتبر أن الانسحاب الروسي كان مفاجئاً وغير محسوب أبداً، ولكنه خلق بعض الأمل لدية بالعودة إلى منزله الذي بات يشكل له حلم عمره الذي لا يريد غيراً سواه.
يقول عمر: “أتوقع أن الانسحاب الروسي من سوريا جاء باتفاق دولي سري أو كما يسميه البعض “من تحت الطاولة”، ولكن مهما يكن فأنا أشعر بالتفاؤل بان المسيرة الإجرامية للروس انتهت وسننعم بالأمان ولو نسبياً، لا يهم إن تخلل ذلك قصف مدفعي أو صاروخي، المهم فقط هو التخلص من طيران أحرق الأخضر واليابس ولم يترك حجراً على حجر إلا ودمره، سنعود إلى منازلنا قريباً هذا ما أعتقده وأتمنى ألا تخيب ظنوني ويتحول تفاؤلي إلى إحباط مزمن”.
أما من وجهة نظر “سالم” فالأمر مختلف تماماً، إذ يرى أن الانسحاب الروسي من سوريا، هو خدعة ماكرة كالعادة سيترتب عليها نتائج قد تكون كارثية مستقبلاً”.
“سالم” الذي اعتبر ان الانسحاب الروسي من سوريا كان على وسائل الإعلام فقط، وما تم سحبه هو جزء بسيط جداً من القوات والمعدات الموجودة، فحتى وإن كان سحب الآليات والمقاتلات صحيحاً، فلا شك أن روسيا ستجد طريقة أكثر سرية لتكمل مشوار قصفها الهستيري على مواقع المعارضة المعتدلة، روسيا سحبت قواتها ولكنها صرحت بأنها ستكمل محاربتها للإرهاب، وهي بالأساس تعتبر كل معارض للنظام السوري إرهابي، وهذا الموضوع كافٍ لقتل الشعب السوري بأكمله تحت مظلة مكافحة الإرهاب”.
وعلى الرغم من التضارب في المواقف بين السوريين ككل من الانسحاب الجزئي للروس من سوريا، إلا أن تفاؤلهم لا يمكن ان يخفى على الرغم من ضآلته، فالغالبية ترى أن هذه التظورات السريعة والمفاجئة، لاشك أنها ستحمل حلولاً قد تنهي المآسي التي عاشوها على مدار أعوام حتى ولو امتزجت بالألم، فالألم لم يعد مهماً بالنسبة لهم، بعد ما ذاقوه من آلام وأحزان على مدار خمسة سنوات من الحرب، التي خسرو فيها كل غالٍ ونفيس وباتوا إما شهداء تحت التراب أو مهجرين على حدود الدول.
وهنا يطرح أحدهم السؤال: هل باتت العودة إلى الوطن قريبة كما قال “عمر”، أم أنها مجرد أكذوبة سيتبعها مأساة وكارثة أعظم من سابقتها كما عبر عنها “سالم”؟؟.
حسان كنجو | مصدر