
تقرير حقوقي يكشف سجل محمد الشعار الدموي: “أحد أعمدة القمع في عهد الأسد”
كشفت الشبكة السورية لحقوق الإنسان، في تقرير موسّع، عن تورط اللواء محمد الشعار، وزير الداخلية الأسبق في نظام بشار الأسد، في ارتكاب انتهاكات جسيمة بحق المدنيين السوريين، وصلت إلى أكثر من ربع مليون انتهاك، مطالبة بإحالته إلى العدالة الوطنية والدولية لمحاسبته على جرائم ترقى إلى مستوى الجرائم ضد الإنسانية.
التقرير الذي حمل عنوان: “محمد الشعار: سجل أسود من الجرائم ضد الإنسانية ومسؤولية لا تسقط بالتقادم”, صدر بعد انتشار مقطع مصوّر يوم 4 شباط/فبراير، يُظهر الشعار وهو يسلم نفسه لإدارة الأمن العام في دمشق، في خطوة أثارت الكثير من التساؤلات، خصوصاً في ظل غياب أي موقف رسمي بشأن توقيفه أو فتح تحقيق بحقه.
من هو محمد الشعار؟
محمد إبراهيم الشعار، من مواليد ريف اللاذقية عام 1950، ضابط أمن مخضرم بدأ مشواره العسكري من الكلية الحربية عام 1971، قبل أن يُنقل إلى دوائر الأمن والمخابرات. شغل مواقع حساسة مثل رئاسة أفرع الأمن العسكري في طرطوس، حماة، حلب، وأخيراً دمشق. في عام 2006، تسلّم رئاسة فرع المنطقة 227 التابع لشعبة المخابرات العسكرية، ثم أصبح رئيساً للشرطة العسكرية.
ورغم بلوغه سن التقاعد، تم تعيينه في نيسان/أبريل 2011 وزيراً للداخلية، تزامناً مع اندلاع الثورة السورية، ليصبح عضواً في “خلية الأزمة” التي تولت إدارة آلة القمع، ويحتفظ بمنصبه حتى عام 2018. كما شغل موقعاً ضمن القيادة القطرية لحزب البعث، مما جعله أحد أركان الصف الأمني الأول في بنية النظام.
آلة قمع ممنهجة: بالأرقام
وفقاً للتقرير، فإن وزارة الداخلية، خلال قيادة الشعار، كانت ضالعة في سلسلة من الانتهاكات الممنهجة والواسعة، من أبرزها:
-
مقتل 10,452 مدنياً بينهم 803 أطفال و737 امرأة، خلال عمليات قمع المظاهرات.
-
مصرع 110 معتقلين داخل السجون المدنية، بينهم 93 شخصاً قضوا تحت التعذيب وسوء التغذية.
-
إخفاء 1,661 شخصاً قسرياً، قبل أن يُسجلوا لاحقاً كمتوفين في سجلات الدولة.
-
تنفيذ 11,267 مصادرة للممتلكات، و115,836 منع سفر، و112 ألف مذكرة بحث.
-
إعدام 843 عنصراً منشقاً دون محاكمة عادلة.
-
إشراف مباشر على عمليات تهجير قسري، أبرزها في حي الوعر بحمص.
-
التلاعب بسجلات المختفين وابتزاز عائلات المهجرين بحرمانهم من الوثائق الرسمية.
الشعار في مرمى القانون الدولي
يؤكد التقرير أن الشعار يتحمل المسؤولية القانونية عن هذه الانتهاكات، سواء بإصدار الأوامر المباشرة، أو بالامتناع المتعمد عن وقفها رغم علمه بها. موقعه الرفيع جعله مسؤولاً مباشراً عن أجهزة الأمن السياسي والجنائي، وعن السجون والمحاكم الاستثنائية.
الجرائم الموثقة تدخل ضمن اختصاص المحكمة الجنائية الدولية بموجب “نظام روما”، ما يعني أن الشعار قد يُلاحق دولياً على خلفية ارتكابه جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب لا تسقط بالتقادم.
توصيات حاسمة للحكومة الانتقالية
شدّدت الشبكة على أن الانتهاكات التي وقعت في عهد الشعار لم تكن “تصرفات فردية” بل نتاج سياسة ممنهجة لسحق الحراك الشعبي. ودعت الحكومة السورية الانتقالية إلى:
-
ملاحقة محمد الشعار قضائياً وعدم منحه أي شكل من أشكال الحصانة.
-
فتح تحقيق شفاف وشامل حول دور وزارة الداخلية في الانتهاكات.
-
إعادة هيكلة وزارة الداخلية وعزل المتورطين.
-
إنصاف الضحايا وتعويضهم مادياً ومعنوياً.
-
إلغاء قرارات مصادرة الممتلكات ومنع السفر، والتعاون مع الجهات الدولية لضمان العدالة.
-
تأسيس هيئة وطنية مستقلة للعدالة الانتقالية.
واعتبرت الشبكة أن محاسبة الشعار ستكون محكًّا حقيقياً لصدقية المرحلة الانتقالية في سوريا، وخطوة ضرورية لضمان عدم تكرار المأساة، والاعتراف بحقوق ملايين الضحايا الذين دفعوا ثمناً باهظاً في مواجهة منظومة الاستبداد.



