
رغم انهيار النظام.. سوريا لا تزال مركزاً للكبتاغون في المنطقة – تقرير أممي يكشف حجم التهديد
كشف تقرير المخدرات العالمي 2025 الصادر عن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة (UNODC) أن سوريا، رغم التغيرات السياسية الجذرية التي شهدتها مؤخراً، لا تزال تمثل البؤرة الأهم لإنتاج وتهريب الكبتاغون في الشرق الأوسط.
وبحسب التقرير الأممي، فإن انهيار نظام بشار الأسد في نهاية عام 2024 وتشكيل حكومة انتقالية لم يوقف سيل الأقراص المنشطة التي تغرق أسواق الخليج والمنطقة. فبينما تعهدت السلطة الجديدة بمحاربة هذه التجارة، تشير بيانات الضبطيات إلى أن عمليات التهريب لم تتوقف، بل تشهد تكيفاً وتمدداً جغرافياً.
إرث اقتصادي قاتل
خلال سنوات الحرب السورية، تحوّل الكبتاغون من ظاهرة هامشية إلى ركيزة اقتصادية لنظام الأسد، وفق ما يوثقه التقرير، الذي يصف المخدر الاصطناعي بـ”الذهب الأبيض” الذي أنقذ السلطة مالياً وسط حصار دولي واقتصاد منهار.
ورغم تفكيك بعض معامل التصنيع بعد سقوط النظام، إلا أن الأمم المتحدة تحذر من أن المخزونات القديمة وربما خطوط إنتاج جديدة، لا تزال تُغذي شبكات التهريب التي نشأت في الظل وتحولت إلى منظومة مستقلة عابرة للحدود.
طرق التهريب تتأقلم
تمكّن المهربون من تعديل مساراتهم وفق مستجدات الرقابة والضغوط الأمنية. وبحسب التقرير، سجّل العراق وحده 5.3 طن من المضبوطات عام 2024، بينما رُصدت شحنات ضخمة عبر الأردن ولبنان وحتى البحر المتوسط.
وما يثير القلق أكثر، هو اتساع نطاق التصنيع والتهريب إلى خارج سوريا، مع ضبط مختبرات نشطة في ليبيا، مما يؤشر إلى تدويل أزمة الكبتاغون وتحولها إلى تهديد إقليمي لا يقتصر على الأراضي السورية.
سقوط النظام لا يعني سقوط الشبكات
بحسب رئيسة الشؤون الاجتماعية في UNODC أنجيلا مي، فإن شبكات التهريب التي نظّمت تجارة الكبتاغون “لا ترتبط بأشخاص أو أنظمة بل هي بنى جريمة منظمة تستغل الفراغ الأمني”. وتضيف أن نشاط هذه المجموعات لا يمكن القضاء عليه “خلال أيام أو حتى أشهر”، إذ إنها شديدة القدرة على إعادة الانتشار وتغيير التكتيكات.
فيما تعتبر الأمم المتحدة أن لحظة سقوط النظام السابق شكّلت “نافذة ذهبية” لتفكيك منظومة الكبتاغون، يُظهر التقرير أن هذه الفرصة لم تُستغل بشكل كامل حتى الآن. فعلى الرغم من الحملات الأمنية التي شنتها الحكومة الانتقالية، لا يزال الإنتاج والتهريب مستمرَين بوتيرة مقلقة.
نداء دولي للتعاون
يوصي التقرير بتكثيف التعاون الأمني والاستخباراتي بين دول المنطقة، وتبني مقاربات شاملة لا تقتصر على المكافحة الأمنية، بل تشمل برامج العلاج، والتأهيل، والتنمية الاقتصادية البديلة في المناطق المتأثرة.
وتشدّد المديرة التنفيذية لـUNODC غادة والي على أن “تفكيك شبكات الكبتاغون يتطلب جهداً دولياً متكاملاً، يستهدف المال والسلاح والعناصر البشرية التي تغذي هذه التجارة”.
سوريا ما بعد الأسد لا تزال حتى اللحظة، بحسب الأمم المتحدة، قلب تجارة الكبتاغون في الشرق الأوسط. وبينما يعلّق المجتمع الدولي آماله على تغيير سياسي شامل يُنهي إرث الاقتصاد الإجرامي، فإن المؤشرات الميدانية تدق ناقوس الخطر بأن الحرب ضد المخدرات قد تكون أطول وأعقد من الحرب التي أسقطت النظام نفسه.



