
“شام كاش”.. تطبيق الرواتب يتحوّل إلى كابوس للموظفين السوريين
لم تمضِ أشهر قليلة على اعتماد تطبيق “شام كاش” كوسيلة رسمية لصرف رواتب القطاع العام في سوريا، حتى تحوّل المشروع الذي رُوّج له كخطوة نحو “التحول الرقمي والدفع الإلكتروني”، إلى مصدر شكاوى متزايدة من قبل آلاف الموظفين، الذين يواجهون تأخيرات تقنية، واختفاء أرصدة، بل وتحذيرات أمنية تهدد خصوصية بياناتهم البنكية.
ورغم إطلاق التطبيق في أيار/مايو 2025 بوعود رسمية بإنهاء طوابير المصارف وتسهيل عمليات الصرف، إلا أن الواقع جاء مغايراً تماماً. فقد أكد موظفون أن رواتبهم لم تُصرف في الوقت المحدد، رغم ظهور إشعارات على التطبيق تؤكد إتمام عملية التحويل.
أرصدة غير مرئية ورواتب معلّقة
“سعيد صالح”، موظف حكومي، وصف تجربته مع التطبيق بأنها “كارثية”، مشيراً إلى أنه بات يتابع إشعارات “شام كاش” يومياً دون جدوى: “الراتب يظهر محوّلاً، لكن الرصيد صفر. لم أعد أملك أي دخل فعلي”.
أما “ديمة”، وهي معلمة في قطاع التعليم، فقالت إن التطبيق يوهمها بوجود الراتب، لكن الصرافات الآلية ترفض العملية برسائل مثل “الرصيد غير كافٍ” أو “فشل المعاملة”.
وأفاد موظف آخر بأن رصيده اختفى بشكل مفاجئ بعد يومين من ظهوره، دون أن يتمكن من سحب أي مبلغ، في ظل غياب أي قنوات واضحة للاعتراض أو التواصل.

من أزمة مالية إلى فضيحة رقمية؟
المشكلة، كما يقول الخبير في الأنظمة الرقمية “علي النجار”، ليست فقط في الأعطال، بل في “غياب البنية التحتية السليمة”. وأوضح أن التطبيق يعاني من “مشاكل مزمنة في المزامنة والسرعة”، إضافة إلى “نقاط ضعف أمنية خطيرة” تجعل بيانات المستخدمين عرضة للاختراق أو التلاعب.
وأبرز النجار أن التطبيق “غير مشفّر بشكل كافٍ”، وتواصله مع خوادمه قد يُخترق بسهولة. وتابع: “غياب فريق دعم تقني حقيقي فاقم من شعور المستخدمين بعدم الأمان”.
تقرير: التطبيق برنامج تجسس متقدّم
القلق تضاعف بعد صدور تقرير تقني عن “المركز السوري للأمن الرقمي” صنّف “شام كاش” على أنه “تطبيق عالي الخطورة”، مشيراً إلى:
-
عدم توفره على المتاجر الرسمية مثل Google Play.
-
افتقاره لسياسة خصوصية رغم جمعه بيانات حساسة.
-
انتهاء صلاحية شهادات التشفير.
-
استخدام نطاقات مرتبطة به في حملات تصيّد إلكتروني.
-
تصنيفه كـ “برنامج تجسس متطور” بحسب فحوص أمنية دولية.
المركز السوري للأمن الرقمي يحذر من مخاطر جسيمة في تطبيق “ShamCash”
مطالبات بمحاسبة وتوفير بدائل
في ضوء هذه التطورات، يطالب الموظفون وزارتي المالية والاتصالات والمصرف المركزي السوري بالتدخل العاجل لمعالجة الأزمة، وتوفير بدائل آمنة لصرف الرواتب تضمن الوصول السلس إلى الدخل الشهري، دون المساس بخصوصيات المستخدمين أو تعريضهم لمخاطر تقنية.
كما يدعو خبراء إلى ضرورة إعادة هيكلة التطبيق بشكل كامل، ورفعه إلى المتاجر الرسمية بعد تصحيح ثغراته الأمنية، وتعيين مسؤول مستقل لحماية البيانات وفق المعايير القانونية المحلية والدولية.
وبينما تتفاقم الأزمات الاقتصادية في البلاد، يبدو أن “شام كاش” تحوّل من حلّ رقمي إلى عبء جديد على كاهل الموظف السوري، في مشهد يلخص فشل الإدارة الرقمية حين تفقد الشفافية والأمان.
متابعة مصدر



