
بعد 47 عاماً.. تحقيق لـ”BBC” يفتح خيطاً جديداً في قضية اختفاء الإمام موسى الصدر
في الذكرى السابعة والأربعين لاختفاء الإمام موسى الصدر ورفيقيه، أعاد تحقيق استقصائي لهيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي” فتح أحد أكثر الملفات حساسية وغموضاً في تاريخ لبنان والمنطقة، مقدماً ما قد يكون الخيط الأول لكشف مصير الإمام الذي اختفى في ليبيا عام 1978.
صورة من مشرحة سرية.. وخوارزمية تكشف الحقيقة
انطلق تحقيق “بي بي سي” من صورة التقطها الصحافي اللبناني-السويدي قاسم حمادة عام 2011 داخل مشرحة سرية في طرابلس، لجثة قيل له إنها قد تعود للإمام الصدر. وبعد سنوات، استخدم فريق علمي في “جامعة برادفورد” البريطانية خوارزمية متطورة للتعرف على الوجوه لمقارنة الصورة بصور موثقة للإمام.
النتيجة كانت لافتة، حيث أعطت نسبة تطابق في حدود الستينيات بالمئة، وهو ما اعتبره الخبراء “احتمالاً مرتفعاً” بأن الجثة تعود فعلاً للإمام الصدر. لكن هذا الخيط العلمي الحاسم ظل معلقاً، حيث كشف التحقيق أن عينة شعر أُخذت من الجثة في 2011 بغرض فحص الحمض النووي (DNA) قد اختفت لاحقاً لدى جهات لبنانية معنية بسبب ما وُصف بـ”خطأ تقني”.
شهادات ومواقف رسمية
تضمن التحقيق شهادات مهمة، أبرزها لوزير العدل الليبي الأسبق مصطفى عبد الجليل، الذي أكد أن الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي هو من أمر بقتل الإمام، وأن قصة مغادرته إلى روما كانت مجرد تزوير للتغطية على الجريمة.
وتزامنت هذه التطورات مع إحياء الذكرى في لبنان، حيث شدد رئيس مجلس النواب نبيه بري على أن القضية “قضية وطن لا يموت”، محمّلاً السلطات الليبية الحالية مسؤولية استمرار الغموض بسبب عدم تعاونها الجاد مع القضاء اللبناني. وقال بري في كلمة متلفزة: “مهما طال الزمن، لن ننسى، ولن نساوم، ولن نسامح”.
من جهته، أكد الرئيس اللبناني جوزاف عون التزام الدولة بمتابعة القضية قضائياً وسياسياً، بينما أشار المحقق العدلي القاضي زاهر حمادة إلى أن التحقيق اللبناني لا يزال ينتظر تسلم النسخة الرسمية من التحقيقات الليبية التي وُعد بها لبنان منذ عام 2024.
عرقلة التحقيقات
وكشف التحقيق أيضاً عن تعرض فريق “بي بي سي” والصحافي قاسم حمادة للاختطاف في ليبيا عام 2011 أثناء عملهم على القضية، حيث احتُجزوا في سجن سري واتُهموا بالتجسس، في محاولة واضحة من السلطات الليبية آنذاك لمنع أي تحقيق مستقل قد يكشف معلومات حساسة.
وبينما تبقى قضية اختفاء الإمام موسى الصدر ورفيقيه جرحاً مفتوحاً في الذاكرة اللبنانية، يأتي هذا التحقيق ليضيف دليلاً جديداً ويزيد الضغط على السلطات الليبية للتعاون وكشف الحقيقة الكاملة وراء جريمة هزت المنطقة وغيرت مسار تاريخ لبنان.



