
“دفتر وقلم” حلمٌ يرهق الأسر السورية مع انطلاق العام الدراسي
مع كل جرس مدرسة يقرع في سوريا هذا العام، تدق معه أجراس الإنذار في قلوب ملايين الأهالي. ففرحة العودة إلى مقاعد الدراسة، التي كانت طقساً مبهجاً، تحولت إلى كابوس اقتصادي يهدد مستقبل أطفالهم، حيث بات تأمين أبسط المستلزمات المدرسية معركة يومية في مواجهة غلاء فاحش.
لم يعد الأمر مجرد شراء حقيبة جديدة أو دفاتر ملونة، بل أصبح تجهيز الطالب الواحد رحلة شاقة تكلف ما يصل إلى 700 ألف ليرة سورية، وهو رقم يفوق راتب موظف لعدة أشهر، ويجبر الأسر على الاختيار بين قوت يومها وتعليم أبنائها.
.

.
جولة في أسواق “الحسرة”
في مختلف المدن السورية، تتشابه القصص وتتوحد المعاناة. ففي حماة، تحولت واجهات المكتبات إلى مجرد عروض لأسعار صادمة؛ حقيبة مدرسية قد يصل سعرها إلى 200 ألف ليرة، وبدلة مدرسية تتجاوز 130 ألفاً. وفي طرطوس، لم تفلح جولات الرقابة الخجولة في لجم الأسعار، لتبقى تكلفة الحقيبة المستوردة حلماً بعيد المنال.
أما في درعا، فقد أصبحت البسطات الشعبية ملاذاً للفقراء، حيث يبحث الأهالي عن فارق سعر قد لا يتجاوز بضعة آلاف من الليرات، في محاولة يائسة لتوفير ما يمكن توفيره. وحتى في حلب، خيّبت مبادرة “السورية للتجارة” آمال الكثيرين، حيث جاءت أسعارها “المنافسة” أعلى من قدرة معظم الأسر على الشراء.
.

.
أطفال بلا فرحة.. و لا حلول
الأثر الأعمق لهذه الأزمة لا يظهر في الأرقام فقط، بل في عيون الأطفال. فكثيرون منهم سيبدأون عامهم الدراسي بحقائب قديمة ممزقة ودفاتر مستعملة، محرومين من تلك الفرحة البسيطة التي تمنحها رائحة الأدوات الجديدة. هذا الشعور بالحرمان يترك ندوباً نفسية ويخلق فجوة اجتماعية داخل الفصل الواحد بين من يملك ومن لا يملك.
في ظل غياب المعارض المدرسية المدعومة، وتقلبات سعر الصرف التي يتحكم بها كبار التجار، تجد العائلة السورية نفسها وحيدة في هذه المعركة. تجهيز طفلين أو ثلاثة قد يعني ديوناً تتراكم لأشهر قادمة، أو التضحية بأحد الأبناء من أجل تعليم الآخر.
إنها ليست مجرد أزمة قرطاسية، بل هي أزمة تهدد جوهر المستقبل في بلد أنهكته الحرب، وبات فيه الحصول على دفتر وقلم ترفاً لا يقدر عليه الكثيرون.
.
.
مصدر



