وثائق مسربة من “المخابرات الجوية” تكشف : أوامر عاجلة بإحالة معتقلين للمحاكمة قبل وفاتهم

دمشق : كشفت وثائق داخلية مسربة من فرع التحقيق التابع للمخابرات الجوية في دمشق، أحد أكثر الأفرع الأمنية رعباً في عهد النظام البائد، عن حقيقة مروعة تتعلق بالتعامل مع المعتقلين ذوي الحالات الصحية الحرجة، حيث كانت الإدارة تصدر تعليمات عاجلة بإحالتهم إلى “محكمة قضايا الإرهاب” ليس من أجل العدالة، بل للتخلص منهم قبل وفاتهم داخل المعتقل.
الوثائق، التي حصلت عليها جهات حقوقية وتغطي الفترة بين عامي 2013 و2016، وهي من أكثر السنوات دموية في تاريخ الثورة السورية، تتضمن مذكرات وتقارير صحية تكشف عن اللامبالاة التامة بالوضع الصحي للمحتجزين، وتفضح الظروف القاسية من التعذيب والإهمال الطبي التي أدت إلى تدهور حالتهم بشكل كارثي.
“سوء الوضع الصحي” سبب للإحالة للمحكمة
تظهر المذكرات بشكل صادم أن “سوء الوضع الصحي” لم يكن سبباً لتقديم العلاج، بل كان دافعاً للتخلص من المعتقل عبر إحالته إلى المحكمة. ومن بين الحالات التي أبرزتها الوثائق، تم تحويل كل من نور الدين إبراهيم القاضي وفارس محمد ديب حمودة إلى محكمة الإرهاب بسبب تدهور حالتهما الصحية، في إجراء يهدف على ما يبدو إلى تجنب تسجيل وفاتهما داخل الفرع الأمني.
وفيات تحت التعذيب والمرض
الأخطر من ذلك، تكشف الوثائق عن حالات وفاة وقعت حتى قبل تنفيذ قرارات الإحالة، مما يؤكد أن الإجراءات كانت أبطأ من الموت نفسه. وتضمنت قائمة الوفيات التي تم توثيقها أسماء مثل:
  • النقيب عصام محمد صادق الحمصي
  • سمير بشير خشيني
  • أحمد حسن العمر
  • مشهور إبراهيم أحمد
  • علي حسين حيمور
  • ناصر رشيد علي (عراقي الجنسية)
  • أحمد زعل مرعي (فلسطيني سوري)
  • وآخرون.
هذه الأسماء هي مجرد عينة من آلاف الضحايا الذين قضوا في أقبية النظام البائد، حيث تشير الوثائق إلى أن سبب الوفاة كان نتيجة مباشرة للتعذيب الممنهج والأمراض التي تفشت بسبب الإهمال المتعمد.
أسماء المسؤولين عن الجرائم
لم تقتصر الوثائق على فضح مصير الضحايا، بل كشفت أيضاً عن أسماء الضباط والمساعدين الذين كانوا مسؤولين عن التحقيق والإشراف على هذه الانتهاكات في الفرع، ومن بينهم: العميد نزيه، والرقيب أول معروف الكنج، والرقيب علي حبيب، بالإضافة إلى مساعدين آخرين.
وتعتبر هذه الوثائق دليلاً مادياً إضافياً على الجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبت بشكل ممنهج في معتقلات النظام السابق، وتفتح الباب أمام محاسبة المسؤولين عنها، وتقدم إجابات، ولو كانت مؤلمة، لعائلات آلاف المفقودين الذين لا يزال مصيرهم مجهولاً.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى