
اللاذقية في قبضة الفوضى : سرقات مسلحة وجرائم قتل تروع الأهالي وسط غياب أمني
اللاذقية – (خاص)
لم يعد الظلام الذي يلف مدينة اللاذقية لساعات طويلة مجرد نتيجة لتقنين الكهرباء، بل أصبح غطاءً مثالياً لجرائم منظمة وعمليات سطو مسلح تروع السكان، وتحول حياتهم إلى كابوس دائم من الخوف وانعدام الأمان. فمن اقتحام المنازل وسرقة الممتلكات العامة، إلى جرائم القتل، تشهد المدينة الساحلية انفلاتاً أمنياً غير مسبوق ينسبه الأهالي إلى انتشار السلاح والفقر وغياب المحاسبة.
يروي إيهاب مخلوف، صاحب محل تجاري، لموقع “تلفزيون سوريا” تفاصيل ليلة الرعب التي عاشتها عائلته قبل نحو شهر: “اقتحم منزلنا خمسة مسلحين، بعضهم ملثمون، خلال انقطاع الكهرباء. صادروا كل ما وجدوه من ذهب وهواتف وأموال، وطعن أحدهم أخي في ظهره. عشنا لحظات رعب ما زالت آثارها النفسية تؤثر على والديّ حتى اليوم”.
تقدر قيمة المسروقات، بحسب إيهاب، بنحو ثمانية آلاف دولار، بالإضافة إلى مصاغ ذهبي وهواتف. ورغم تقديم بلاغ للأمن الداخلي، لم تتلق العائلة أي معلومات عن الفاعلين حتى الآن.
هذه الحادثة ليست معزولة. فبعد أسبوعين فقط، اهتزت منطقة “مشروع ياسين” بجريمة أكثر مأساوية، حيث أقدم لص على قتل سيدة وإصابة زوجها بجروح خطيرة أثناء محاولته السطو على منزلهما ليلاً.
أسباب متعددة والفوضى واحدة
يعزو الأهالي هذا التدهور الأمني إلى مزيج من العوامل الكارثية. يقول فائز، أحد أبناء المدينة: “الوضع اليوم أسوأ بكثير. في زمن النظام السابق كانت هناك سرقات، لكنها لم تكن بهذا الحجم”. ويشير إلى أن البطالة بعد تسريح أعداد كبيرة من عناصر جيش الأسد، والفقر المدقع، والانتشار الواسع للسلاح الذي أصبح “حتى بائع الخضار يحمله على خصره”، كلها عوامل خلقت بيئة خصبة للجريمة.
ويُعد انقطاع الكهرباء عاملاً حاسماً، حيث تتوقف كاميرات المراقبة ويستغل اللصوص الظلام لتنفيذ عملياتهم، مستهدفين بشكل خاص الأبنية التي يقطنها أصحاب الأموال.
السرقة تطال ممتلكات الدولة
لم تسلم الممتلكات العامة من موجة السرقات، مما يعيق أي محاولة لتحسين الخدمات. وأكد مسؤول في قطاع الخدمات باللاذقية لموقع “تلفزيون سوريا” أن “المقاعد الخشبية في الحدائق، وأعمدة الإنارة، وكابلات الهاتف والكهرباء، وحتى أغطية مصافي الصرف الصحي” تتعرض للسرقة بشكل متكرر بعد أيام قليلة من تركيبها.
حلول فردية في ظل غياب رسمي
في ظل غياب الحلول الحكومية الفعالة، اضطر بعض التجار وأصحاب المحال إلى اتخاذ تدابير فردية مكلفة، مثل تركيب أبواب حديدية وتشغيل كاميرات مراقبة تعمل بالطاقة الشمسية. لكن هذه الإجراءات تبقى حكراً على المقتدرين، بينما يبقى غالبية السكان بلا حماية فعلية.
وتزداد معاناة القادمين من الخارج، حيث تعرض كثيرون لسرقة أموالهم وأوراقهم الثبوتية، مما أجبرهم على العودة إلى بلاد الاغتراب لمواجهة تعقيدات استخراج بدائل.
وقد حاول موقع “تلفزيون سوريا” الحصول على تعليق من الجهات الرسمية في محافظة اللاذقية حول الإجراءات المتخذة لمواجهة هذه الظاهرة، لكنه لم يتلق أي رد حتى لحظة نشر هذا التقرير، ليبقى الأهالي وحدهم في مواجهة مصيرهم، ينتظرون حلولاً تعيد لهم شيئاً من الأمان المفقود.



