صرخات آلاف الغائبين تكشفها مقبرة سرية لـ”فرقة الموت”

في عمق منطقة القلمون بريف دمشق، حيث كانت “الفرقة الثالثة” في جيش النظام السوري تفرض سطوتها الحديدية، تكشّفت فصول جديدة من فصول المأساة السورية. شهادات مسربة من قلب المؤسسة العسكرية ترسم خريطة لمقبرة جماعية شاسعة، ليست مجرد حفرة في الأرض، بل هي “أرض صامتة” ابتلعت أجساد آلاف الأرواح التي انتهى مصيرها في سراديب التعذيب أو على حواجز القمع.
“أرض الخمسين دونمًا”.. نهاية رحلة الألم
على بعد خطوات من مقر قيادة الفرقة، تمتد مساحة شاسعة تقدر بخمسين دونمًا، حُفرت فيها خنادق الموت بعناية لتكون المحطة الأخيرة لآلاف “المُغيَّبين”. كانت عمليات الدفن، بحسب المصادر، طقسًا ليليًا مُحكمًا؛ تُلقى الجثث المجهولة الهوية في حفر جماعية، ثم تأتي الجرافات لتهيل عليها التراب، وتمحو بذلك أي أثر لجريمة أو دليل على هوية الضحايا.
هذه الأرض لم تكن مجرد مقبرة، بل كانت جزءًا من آلية إخفاء ممنهجة لجثث ضحايا أتوا من مصادر متعددة:
  • معتقلون من “مسلخ صيدنايا” وغيره من سجون النظام، حيث قضوا تحت التعذيب.
  • مدنيون وناشطون تم إعدامهم ميدانيًا على حواجز الفرقة سيئة السمعة.
  • ضحايا المجازر التي ارتكبتها الفرقة أثناء اقتحاماتها لمدن القلمون وبلداته.
وجوه خلف الجريمة
الشهادات لم تكشف عن المقبرة فحسب، بل وضعت أسماءً ووجوهًا خلف هذه الجرائم المروعة. تتردد أسماء ضباط بارزين كمسؤولين مباشرين عن إدارة آلة القتل هذه، من بينهم:
  • اللواء عدنان إسماعيل: الذي يُشار إليه كمهندس عمليات التصفية الأول.
  • المقدم فراس الجزعة: الذي وُصفت وحشيته بأنها كانت تتلذذ بتنفيذ الإعدامات بنفسه.
  • قادة سابقون وضباط أمن، مثل اللواء لؤي معلا والعميد محمد مخلوف، الذين تناوبوا على الإشراف على هذه الانتهاكات الممنهجة.
هذا الكشف لا يمثل مجرد خبر، بل هو صرخة مدوية من تحت الأرض، تطالب بالعدالة لآلاف العائلات التي لا تزال تنتظر معرفة مصير أبنائها. إنه يضيف دليلاً ماديًا مروعًا إلى سجل جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية في سوريا، ويضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته في التحقيق والمحاسبة لضمان ألا تبقى هذه الصرخات طي الكتمان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى