
اغتيالات غامضة تضرب حلب.. “شبيحة” النظام السابق في مرمى النيران ومخاوف من فوضى الثأر
تشهد مدينة حلب موجة اغتيالات غامضة ومكثفة تستهدف مسؤولين وضباطاً وعناصر سابقين في الميليشيات التي كانت موالية لنظام الأسد المخلوع. هذه العمليات، التي تتم بوتيرة شبه يومية منذ سقوط النظام قبل نحو عشرة أشهر، تثير قلقاً مزدوجاً: الأول من عودة دوامة العنف، والثاني من استغلال هذه الفوضى لتصفية حسابات شخصية تحت غطاء “محاسبة الشبيحة”.
وخلال الأسابيع الماضية، تصاعدت وتيرة الاغتيالات بشكل ملحوظ، وطالت قادة وعناصر سابقين في ميليشيات عُرفت بوحشيتها، مثل “قوات النمر”، و”لواء القدس”، و”الدفاع الوطني”، بالإضافة إلى عناصر كانت تابعة للفروع الأمنية والميليشيات الإيرانية. وتتوزع هذه العمليات على مختلف أحياء المدينة، من الفرقان وحلب الجديدة إلى الأحياء الشعبية مثل السكري والصاخور ومساكن هنانو.
أسلوب واحد ومنفذ مجهول
تتبع عمليات الاغتيال نمطاً شبه موحد: يستخدم المهاجمون دراجات نارية سريعة وأسلحة مزودة بكواتم للصوت لتنفيذ عملياتهم بسرعة خاطفة، ليلاً أو نهاراً، ثم يختفون، وتُسجل الجريمة ضد “مجهول”.
وبحسب مصادر محلية لموقع “تلفزيون سوريا”، فإن معظم المستهدفين هم شخصيات كانت معروفة بولائها المطلق للنظام السابق، ومتهمة بارتكاب مجازر والمشاركة في العمليات العسكرية، أو بالعمل كمخبرين للأجهزة الأمنية. وأشار المصدر إلى أن “معظم الذين تمت تصفيتهم كانوا قد أجروا تسويات أمنية أو كانوا متخفين طيلة الأشهر الماضية خوفاً من الاستهداف”.
فوضى الثأر.. وخطر استهداف الأبرياء
في ظل هذه الفوضى، ظهرت حسابات مجهولة على وسائل التواصل الاجتماعي تتبنى هذه الاغتيالات، وتنشر صور المستهدفين مع تفاصيل عن “جرائمهم” السابقة، وتطلب من الأهالي الإبلاغ عن أماكن وجود “الشبيحة” لاستهدافهم.
وهنا يكمن الخطر الأكبر الذي يخشاه أهالي حلب، وهو أن تُستخدم تهمة “التشبيح” كذريعة لتصفية حسابات شخصية أو ثأر قديم لا علاقة له بالثورة. وقد وقعت حادثة مؤخراً في حي مساكن هنانو، حيث نجا تاجر أثاث مستعمل يدعى محمد زعرور من محاولة اغتيال، رغم تأكيد جيرانه أنه “مدني لا علاقة له بما يشاع عن ارتباطه بالنظام المخلوع”. وقد حذرت الجهات الأمنية من خطورة هذه الشائعات التي تعرض حياة الأبرياء للخطر.
غياب العدالة يفتح أبواب الانتقام
يرى حقوقيون ومحامون أن موجة الاغتيالات هذه هي نتيجة حتمية لغياب العدالة الانتقالية. ويوضح المحامي عثمان الخضر أن “المؤسسة القضائية الحالية هي ذاتها التي كانت في عهد النظام المخلوع، مما يجعل الثقة بها معدومة، ويدفع البعض لأخذ حقوقهم بأيديهم”.
ويضيف الخضر أن “الظهور المستفز” لبعض المتهمين بارتكاب جرائم وتفاخرهم بكونهم طلقاء يثير غضب الأهالي ويدفعهم نحو الانتقام. وبهذا، تقف السلطة الحالية أمام خيارين صعبين: إما إرضاء الشارع الثوري المطالب بالعدالة الفورية، أو الاستمرار في سياسة التوازنات التي قد تمنع الانزلاق نحو فوضى شاملة، لكنها تبقي جرح الضحايا مفتوحاً.
.
.
عن تلفزيون سوريا بتصرف



