عذرا داريا .. نحن من خذلك .. احمد سلوم*
بالأمس الزبداني وقبلها حمص، واليوم تسقط داريا صريعة خذلان قادات وثوار سوريا، وخاصة قادات الجبهة الجنوبية, لم يكن من الغريب أن تسقط داريا بعد أربع سنوات من التضحية والصمود بوجه ميليشيا حزب الله وإيران وطائرات الأسد دون أي تدخل مسبق من الأمم المتحدة لوقف المجازر التي كانت ترتكب في المدينة المنكوبة.
ولكن دعونا لا نتكلم عن الأمم المتحدة ونلقي اللوم عليها, لأنه بالعودة إلى تاريخ الثورة سنجد أن الشعب السوري هو من أراد الحرية من نظام الظلم والقهر الذي اتبعه نظام الأسد, يوم انطلقت الثورة لم نكن ننتظر من الدول الغربية أو العربية مد يد العون لأننا كسوريين ندرك تماما تخاذل كل الأمم من خلال إدراكنا لما كان يحصل في فلسطين من غض البصر عما يرتكبه الاحتلال الإسرائيلي من جرائم هناك.
داريا صمدت في وجه كل محاولات اقتحام المدينة على مدار أربع سنوات متواصلة, فالمدينة ليست مجرد بيوت تهدمت وأبطال استشهدت وإنما هي رمز من رموز الثورة وبفقدانها فقدت ثورتنا النبيلة جوهرها لأنها كشفت تخاذل قادات درعا والقنيطرة وريف دمشق , كانت داريا قد اتفقت معهم على الدفاع المشترك ولكن الذي تبين بعد ذلك هو أن الاتفاق كان منذ البداية لتسليم داريا بتواطؤ هؤلاء القادة.
فصائل الجبهة الجنوبية باعوا داريا من خلال صم أذانهم عن صيحات أهالي داريا التي وصلت لعنان السماء, ففي الغوطة الشرقية اقتتلوا بينهم على أشياء لاقيمة لها وفي درعا كانت حججهم، قتال تنظيم الدولة ولكن تلك الحجج باتت مفضوحة للجميع لأن روسيا هي من تديرهم مع علمهم بأنها حليفة الأسد والمدافعة عنه، إلا أنهم غضوا بصرهم عن ذلك وكل غايتهم حفنة من الدولارات غير آبهين بما قدمته درعا من شهداء منذ انطلاق الثورة السورية.
عند كل سقوط لمدينة نبدأ بإلقاء اللوم على أمريكا والدول ونبدأ بالشتم والسب دون النظر لأنفسنا ولأخطائنا فسيناريو الزبداني يتكرر في داريا ,الزبداني سبقتها بخذلان ثوار سوريا لها وقتها دافع أهلها عنها لآخر قطرة دم إلا أنهم وصلوا لمرحلة لم يعد لديهم شيء للقتال فماذا يفعلون؟
في تلك الأثناء اشتعلت معركة عاصفة الجنوب في درعا لتحرير المدينة، ومع كل الإمكانيات التي قدمت للثوار في درعا لم يستطيعوا تحرير المدينة جراء الخلافات التي كانت تدور بينهم وقتها كان كل قائد يتأخر عن البدء في الهجوم من محوره خوفا من أن يفقد عناصر من كتيبته فيفقد نسبة الدعم المقدم له.
وبعدها توقفت المعركة الوهمية ليظهر فشل الثوار وتخاذلهم, تجاه مدينتهم قبل تخاذلهم تجاه أهاليهم في سوريا كلها, وبعدها سقطت الشيخ مسكين وعتمان وغيرها دون أن يتم التحرك لاستعادتها.
داريا اليوم أسدلت الستار على مشاهد مؤلمة نزفت في قلب كل سوري، وكشفت الخونة للثورة السورية في جنوب سوريا.
إذا لنكون واقعيين ولنتعلم مما وصلنا إليه، فإلى متى سنظل عبيد الدولارات, وعبيداً لدول لا تريد لنا سوى, تحقيق مصالحها, لنعترف أخيرا بأننا نحن من خذلنا داريا وشهدائها.
كاتب سوري*