بسام كوسا باق تحت «سقف الوطن»… راشد عيسى
بسام كوسا باق تحت «سقف الوطن»… راغب علامة نجا من التفجير ومتفائل بترامب… وعادل كرم ينتقد فيُهين
قيل للممثل السوري بسام كوسا، في مقابلة بثت أخيراً على تلفزيون النظام السوري، لماذا اخترت البقاء في البلد، وكان واضحاً أن المذيعة تعرف سلفاً أن ليس هناك، على تلك الشاشة، سوى جواب وحيد، جواب لم يكن سوى تنويع على حكاية «الوطن ليس فندقاً نتركه عندما تسوء الخدمة»، قال الفنان «ممكن جاوبك جوابين، استعراضي عن الوطن والبقاء، وهذا إفك. لكن أنا ببساطة (ويبدو أن هذا هو الاحتمال الثاني) إذا أمي مرضت ما بتركها وبمشي، لما بتمرض البلد ما بحمل حالي وبمشي، لا يمكن واحد أمه تمرض يكبها (يرميها) ويدير ظهره ويمشي بهديك اللحظة».
ويوضح الفنان «اجاني دعوات كتير من دول، شكرتن وقلت راح أظل هون وما يجري للناس يجري علي. هدا البلد أنا عشت فيه، يا بنموت سوا يا بنزبط سوا». لا يحتاج المرء إلى كثير من التدقيق ليلاحظ أن الجواب الثاني، أي جواب الفنان لم يكن سوى الجواب الأول نفسه، أي «جواب استعراضي عن الوطن وبالبقاء»، أي، وحسب الفنان ليس سوى «إفك»، ولا ندري لماذا استخدم الفنان هذه الكلمة الفصيحة وسط حديثه العامي جداً.
الفنان في العمق يتحدث عن «نظرية الصمود» التي يتغنى بها بعض الذين بقوا في مناطق سيطرة النظام. يريد للناس أن تبقى بين مطرقة البراميل المتفجرة والاعتقال الوحشي ورعب الحواجز وسندان نظرية الصمود.
لكن أي صمود حين يكون المرء تحت سقف النظام، برعايته وتحت عينيه، في مشروع دمر وحي المهاجرين والمزة! هل جرّبت أن تسكن معضمية الشام أو داريا أو أحياء حمص المعارضة، هل فكرت مرة ماذا سيحل بك على حواجز النظام حين يكون اسم عائلتك الصياصنة أو غيرها من العائلات الدرعاوية المعارضة، أو لو كان نفوسك يعود إلى حي بابا عمرو الحمصي، أو مخيم اليرموك. جرب أخي الممثل أن تتقمص أي دور أو اسم أو مكان من تلك المغضوب عليها وحدّثني حينها عن الصمود.
عادل كرم ينتقد
يستحق برنامج «بلا تشفير»، الذي يقدمه تمام بليق على قناة «الجديد» كل الإهمال إن لم نقل السخرية، لكن على أن لا تأتي السخرية من برنامج «هيدا حكي» الذي يقدمه المذيع والممثل اللبناني عادل كرم، هذا الذي جاد به طوفان الفضائيات، فصارت الفرصة سانحة لمن هب ودب كي يصبح صاحب برنامج وكلمة وجمهور.
لو أردنا مثالاً لما وجدنا أفضل من الحلقة التي يتهكم فيها كرم من خصمه اللدود الذي سخر منه مراراً تمام بليق، ذلك قبل أن تصل الحرب إلى فضائيتي «الجديد» و«أم تي في».
حلقة عادل كرم مثيرة للقرف، إنه يتفنّن في إهانة المشاهد أكثر مما يستطيع برنامج بليق. شيء يصعب وصفه بكلمات، إذ لا بد من العودة إلى مشاهدة الحلقة. لكن يكفي أن نقول إن السخرية من اسم الشخص واحتقاره ليس فيه شيء من النبل، ولا يمكن أن يكون نقداً حقيقيا. اسم المرء وشكله لا إرادة له في اختيارهما، والحط منهما هو احتقار للكرامة الشخصية.
فوق ذلك لا بد من تذكير عادل كرم بأن ضحك وتشجيع جمهور الاستديو ليس نموذجاً صادقاً عن الانطباعات الحقيقية للجمهور خارج الاستديو. برنامجك لا يضحك، ولا يسلي، وغريب طبعاً أن يقول إعلامي إن الهدف من البرامج تسلية المشاهد. قفشات مجانية تستجدي الضحك، وموسيقي مسكين مضطر أن يعمل فوق شغله كموسيقي مستمعاً دوره أن يبصم على كل ما يقوله المذيع كما لو أنه شاهد زور جاهز جيء به من مقهى خلف قصر العدل، ذلك لا يصنع برنامجاً، وقبل ذلك لا يؤهلك للحكم على برامج الزملاء في محطات أخرى.
الحنين إلى التلفزيون السوري
استضافت المذيعة السورية زينة يازجي على قناة «سكاي نيوز»، وضمن فقرة سمتها «داعش ضد الحضارة»، الفنان اللبناني راغب علامة ليتحدث عن تدمير «داعش» لأوابد مدينة تدمر السورية. علامة، حتى لو كان سفيراً للنوايا الحسنة، هو مغن وحسب، ولا تعرف عنه ثقافة واسعة تؤهله للحديث عن آثار تدمر كحضارة، ولا معرفة في السياسة تذكر ليضع همجية «داعش» في سياق مفهوم. تقريباً قال الرجل أي كلام، تماماً كما سألت يازجي أية أسئلة، لتزجية الوقت على ما يبدو.
واضح أن يازجي تعوّل على شهرة علامة أكثر مما تطمح إلى كلام ناضج يضيف أو يشرح. لكن لا بد من الاستدراك والقول إن علامة له نظريته بخصوص مكافحة الإرهاب، فهو متفائل بدونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة، وقد أسهب في تفاؤله واستفاض في توجيه الرسائل لترامب.
هكذا، في الوقت الذي تقوم الدنيا، كما لم تقم من قبل على رئيس أمريكي، في الولايات المتحدة كما حول العالم، احتجاجاً على مئة انتهاك لترامب حتى قبل أن ينتخب، من احتقاره للمرأة، إلى حربه الصريحة ضد الإعلام، إلى عنصريته تجاه المهاجرين، وصولاً إلى أبرز مشاريعه بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس، ما قد يشعل غضباً لا يعرف إلى أين يمكن أن يصل مداه.. كل ذلك وراغب علامة متفائل ويشد على يد الرئيس الأمريكي!
اختيار علامة في هذه المقابلة، الأسئلة التي عالجت موضوع «داعش ضد الحضارة»، أداء يازجي المتكلف، كل ذلك بدا مسروقاً من لغة التلفزيون الرسمي السوري. كأن يازجي لا راحت ولا سافرت كل هذه السنوات بعيداً عن تلك الشاشة التي تلقت فيها دروسها الأولى.
راغب نجا من تفجير خلّبي
جدل ونقاش محتدم في لبنان بين الفنان راغب علامة وخصومه، وهم هذه المرة جمهوراً واسعاً لا شخصاً بعينه. حيث سخر كثيرون بعيد انفجار كوستا- شارع الحمرا في بيروت، تحديداً بعد تصريح أطلقه الفنان يطمئن جمهوره أنه لم يكن في مكان الانفجار، وأنه نجا من الحادث.
قد يكون علامة نجا بأعجوبة أيضاً، رغم أن التفجير الانتحاري كان خلّبياً. لكن يبدو أنها أصبحت لازمة عند الفنان بعد كل تفجير، حيث يطلّ عبر وسائل التواصل الاجتماعي ليطمئن معجبيه. كأن الإرهاب في العالم كله مشغول براغب علامة، وكأن لا هدف للتفجيرات سوى ملاحقته. فنانون كثر سعيدون بالكارثة، يبدو أن لا طريقة آخرى لديهم للبقاء على قيد الشهرة.
مايا يوسف ضد التطبيع
قررت عازفة القانون السورية مايا يوسف الانسحاب من حفل مقرر في بريطانيا يشارك فيه عازفون إسرائيليون. الفنانة أوضحت على صفحتها في فيسبوك أول أمس تقول «عندما تمت دعوتي لهذا المهرجان قيل لي إنني سأقدم حفلاً بالتقاسم مع موسيقي آخر، وبالطبع لم أكن على دراية أن الموسيقي الذي سيعزف بعدي في الليلة نفسها إسرائيلي. حالما أدركت الأمر انسحبت من المهرجان. البوستر يوحي أنني كنت من المفترض أن أتعاون فنياً مع يائير دلال وهذا غير صحيح…».
لقد وصلتني قبل أيام من انسحاب الفنانة يوسف أخبار المهرجان والمشاركين فيه، وغريب فعلاً أن تتأخر هي عن معرفة شركائها الفنيين، رغم تجربة طويلة للفنانين العرب في الغرب جعلتهم صاحين دائماً لمواقف مشابهة.
غريب أن يكون الفنانون في غفلة عن ذلك، ولا ينتبهون إلا عندما يبدأ الضغط والاستنكار هنا وهناك، تماماً كما حدث لموسيقيين سوريين يقيمون في برلين عندما انسحبوا تحت الضغط من حفلة موسيقية مقررة مع إسرائيليين اثنين، رغم أنهم شبعوا عزفاً من قبل مع مجاميع من العازفين الإسرائيليين.
أمر آخر لافت، سنجد على صفحة الكاتب السوري حسن م يوسف مشاركته لصورة الفنانة مايا (ابنته) تحمل عبارة تقول «مايا يوسف ترفض المشاركة في مهرجان تقيمه جامعة كامبردج، لأن ابنة حسن م يوسف لا تطبع مع إسرائيليين». حقاً! فقط لأنها ابنة م يوسف! ألا يعني لكم أن يأتي ذلك احتجاجاً على أي من أفعال إسرائيل؟ ألن تجدوا ممارسة إسرائيلية تستحق الاحتجاج، من اغتصاب فلسطين إلى ضربة مطار المزة أخيراً؟ ثم من قال إن حسن م يوسف هو عنوان مقاومة الإسرائيليين؟ حبّذا ذكر الأسباب.
القدس العربي