
المرأة السعودية ومشايخ “مولينكس”… ورئيس مسيحي لمجلس “بقايا” الشعب السوري .. بسام البدارين
تستحق الناشطة السعودية سحر نصيف، التحدث بفرح لمحطة “بي بي سي” عن لهفتها ورقصها فرحًا بمجرد إعلان الملك سلمان قراره بالسماح للمرأة السعودية بحمل رخصة قيادة سيارة.
القناة الثانية في تلفزيون المملكة انقلبت إلى عرس وطني تغطية للقرار، الذي يمثل أصلا أدنى حقوق البشر الطبيعيين.
ما يلفت نظري أكثر من كل شيء؛ هو السباق المحموم المهووس لدعم القرار المَلِكِي والتسحيج له، خصوصًا مِنْ القوى الاجتماعية والنخب جميعها التي طالما دعمت وساندت حرمان المرأة من هـذا الحـق البسـيط.
المعارضون كلهم انقلبوا فجأة، فقد لَحَسَ “مشايخ المولينكس” بتوع فتاوى السلطان اجتهاداتهم الدينية القديمة، وتسابق رؤساء الجامعات لتدبير مصفات لسيارات الطالبات، وقرعت أجراس التهليل جميعها للقرار، الذي يُعالج أصلًا وضعًا شاذًا، لا ينبغي أن ينطوي على “مكرمة”.
هذه مأساة اجتماعية تظهر “فِصامًا” من الصعب الشفاء منه.
طبعًا نرحب بالقرار ونصفق له، ونهنئ المرأة السعودية الصابرة… ونبارك للأمير الحيوي محمد بن سلمان منتجعات البحر الأحمر، التي ستُفتتح قريبًا وخطوات الانتقال الترفيهي العاصف كلها.
لكن؛ على طريقة مسرحية “مدرسة المشاغبين” نقول: “حبّة حبّة يا علّام”… الانفتاح الاجتماعي جيّد، لكنّه يبقى مجرد “تحايل”، إذا لم يوازه انفتاح سياسي وإصلاحي وحريات حقيقية، خصوصًا في مجال التعبير والرأي، إلّا إذا كان المقصود تمكين المرأة من قيادة سيارة بين كثبان الصحراء لزيارة والدها أو زوجها أو ابنها المعتقل بسبب رأيه.
هنا حصريًا ستتكفل ما تسمى بـ “كتيبة الذباب الإلكترونية” بتأييد خفض السقف وتبرير الاعتقالات والأداء العرفي والهجوم الساحق الماحق بعاصفة تغريدات على كل من يعوق الانفتاح السياحي والاجتماعي أو يفكر ولو بجرعة صغيرة من الانفتاح السياسي.
شاشة أيام زمان
مفارقة في غاية الحساسية؛ لفت نظري لها صديق فنّان، وهو يستذكر وجود ثلاث قنوات تلفزيونية تتحدث للأردنيين وتلبي احتياجاتهم في الماضي أيام الأحكام العرفية والعمل البوليسي، بينما توجد اليوم محطة يتيمة بعد التحول الديمقراطي المزعوم.
في أيام العسس واللجان العرفية الاقتصادية وعدم فتح الأردني فمه إلّا عند طبيب الأسنان، كان المواطن يستطيع الاستمتاع على شاشة القناة الثانية المتخصصة بالبث الأجنبي ببرنامج عن “الديمقراطية في اليونان مثلا”.. كان الفيلم يَعبُر ولا أحد ينتبه، حيث السلطة “غير خائفة” من برنامج من هذا النوع والمواطن غير منتبه أصلا، لأن الدولة تدار من دون أي مظهر ديمقراطي.
الجميع كانوا سعداء لسبب غامض… اليوم يوجد برلمان وانتخابات وديمقراطية، وتوجد شاشة مركزية واحدة لا تتحدث إطلاقا عن الديمقراطية ومليئة بالقوائم السوداء، بينما الشعب منزعج ومحتقن… يا ترى لِمَ؟!
أيام الحكم العرفي كان الفن حاضرا بقوة مع الثقافة في البرامج وأيام الديمقراطية لا فن ولا ثقافة ولا ما يحزنون.
المسيحي السوري… أين الشعب؟
حمودة الصباغ، المسيحي من مدينة الحسكة رئيسا لمجلس الشعب السوري… خبر جيد بكل الأحوال، لولا تلك البهرجة الاحتفالية، التي قدمتها محطة “الميادين”، وهي تتعامل مع الخبر يوم الاقتراع وكأنه يتحدث عن “جنة على الأرض” اسمها سوريا.
نخبة من المعلقين استضافتهم مذيعة “الميادين”، حتى تترسخ القناعة بأن سوريا موحدة وواحدة وتتجاوز الطائفية، في برنامج خاص مع صور غرافيك لعوبة لمذيع شاب يقف إلى جانب صورة ملونة وكبيرة لمقاتلي حزب الله، وهم يحرسون “كنيسة” في معلولا رغم أن الحزب أعلن – وهذه مشكلتنا الشخصية معه – أنه يخوض الحرب في سوريا لأن “قبر زينب لن يُسبى مرتين”!
من جهتي لا أفهم أو أتفهم إقصاء أي مكون، وأرحب بتسليم السلطة التشريعية في بلادي، وحتى السلطات جميعها لمسيحي أردني عروبي ومعها السلطة التنفيذية.
لكن احتفالية “الميادين” تستفزني من جهتين: الأولى أن السيد صباغ يقود عملية مؤسسة لا دور لها من أي نوع، وظيفتها تنحصر في تمديد ولاية “السيد الرئيس” أو تعديل الدستور من أجله، ثم الاستماع لتلك الخطب الرئاسية الرنانة الطويلة المليئة بالفلسفة التي لا تظهر أي أسف ولو صغير على ضحايا الشعب.
والثانيـة أن ثلـثي سوريا مـدمر ونـصف شعـبها مشـرد وغالـبية مقدراتها بأيدي الإيرانيين والروس وغيرهم… صاحبنا رئيس مـجلس الشعب المسيحي سيمثل مَنْ بِصورة مُحددة، إلّا إذا كان المقصــود أن يجلس على صـدر ما تـبقى من الشعب، على أسـاس المقولة الـخـالدة للراحـل معـمر القذافـي في كتاـبه الأخضـر الشـهير.. “التمثيل تدجــيل”.



