شهادات من الأهالي.. لماذا يحاصر النظام السوري حي الخالدية بحمص؟

 

 

 

 

يواصل نظام المجرم بشار محاصرة حي الخالدية في مدينة حمص بالحواجز العسكرية والإسمنتية، رغم مرور تسع سنوات من سيطرته على الحي المدمّر بنسبة تتجاوز الـ70%، وسط عودة خجولة لعدد من العائلات إلى منازلهم تدريجياً.

شهود عيان أكّدوا لـ موقع تلفزيون سوريا، تكرار حوادث السرقة في الحي الذي يُعدّ من أكثر الأحياء المهمّشة خدمياً، وما يشهده الحي من انتشال للأنقاض وترميم هو بفعل بعض السكّان لمنازلهم على حسابهم الشخصي، في حين تُسهم بعض الجمعيات الخيرية في مساعدة الأهالي على ترميم منازلهم، منها: جمعية “دار الراهبات” التي ركّبت أبواباً وشبابيك ألمنيوم وخشب لإحدى العائلات، مشيرين إلى أنَّ الخالدية، هو الحي الوحيد المُحاط بحواجز.

مهمّة الحواجز تشليح الأهالي

 

عدد من أهالي وناشطي حي الخالدية أوضحوا لـ موقع تلفزيون سوريا، أنَّ قوات النظام لديها حاجزان عسكريان رئيسيان، الأوّل عند مدخل الخالدية والمعروف بحديقة الساقية (شارع الشوادر)، والثاني عند مستوصف الخالدية الواقع مقابل مدرسة الأموية للإناث، إضافة إلى نقطة عسكرية قرب “شارع الزير” تفصل بين حيي الخالدية والبياضة، ونقطة ثانية في الشارع المؤدي إلى مدرسة زنوبيا في حي كرم شمشم.

وهناك حواجز إسمنتية صغيرة بارتفاع “90 سم” موجودة في كلّ اتجاهات الحي، وذلك كي لا تمرّ السيارات إلا عبر مدخل ومخرج الحي عند الحاجز العسكري في شارع الساقية.

 

وبحسب ما رصد موقع تلفزيون سوريا، فإنّ مهمّة الحواجز تتمثّل بـ تشليح الأهالي النقود عبر فرض الإتاوات عند دخولهم إلى الحي أو خروجهم منه، إذ يتم توقيف السيارات والشاحنات التي تحمل بضائع أو أثاث منزل ويؤخذ مبالغ مالية مقابل السماح بالمرور، حتى لو كان الشخص يحمل رخصة رسمية.

وذريعة وجود الحواجز هي حماية الأهالي من “الإرهابيين”، كما يتم التدقيق على الشبّان في سن الخدمة العسكرية، ويظهر في أوقات الليل حاجز طيار عند مسجد خالد بن الوليد يتكوّن من 5 أو 6 عناصر، يعمل على توقيف الشبّاب من أجل سوقهم للتجنيد الإجباري.

أسباب إبقاء الحواجز في الخالدية

 

محمد غالول – قيادي سابق في “كتائب الفاروق” التي كانت تعمل في أحياء حمص- قال لـ موقع تلفزيون سوريا: إنَّ حي الخالدية بما كان يُشكّله من حالة رمزية للثورة السورية عموماً وحمص خصوصاً يختلف وضعه بالنسبة للنظام السوري عن بقية الأحياء، باستثناء حي بابا عمرو الذي يُشابهه في الحال والرمزية، والذي كان مُحاطاً بحواجز أيضاً، لكن النظام أزالها لاحقاً، كما أُزيل الحائط الإسمنتي الفاصل بين حيي بابا عمرو والإنشاءات.

وأضاف “غالول”، أنَّ النظام بعد خروج الثوّار من أحياء حمص المحاصرة، أزال الحواجز العسكرية من كل الأحياء وأبقى على جزء منها في الخالدية، فقد نصب حواجز إسمنتية أحاط بها الحي الثائر وقطّع أوصاله بوضع العديد من النقاط والحواجز عسكرية.

وأورد “غالول” معلومات تفيد بأنَّ المسؤول عن الحواجز الموجودة في حي الخالدية تتبع للمخابرات الجوية، أمَّا عن أسماء المسؤولين عنها فقد ورد اسم “ثائر العلي”، مشيراً إلى أنّ أسباب وأهداف النظام السوري من إبقاء تلك الحواجز في حي الخالدية متعددة ومنها:

  • جعل الحالة الرمزية التي يُمثّلها هذا الحي للثورة “مكسورة” دائماً.
  • فرض الإتاوات على أهالي حي الخالدية وإذلالهم بداعي “الانتقام” فقط.
  • عدم رغبة النظام السوري بعودة الأهالي إلى حي الخالدية، وذلك خشية تشكيل خلايا نائمة تعمل لاحقاً على انتفاضة جديدة في الحي.

 

من جهته، الدكتور عبد الظاهر وحود -الأمين العام للتيار الثوري السوري- يقول إنَّ الحواجز موجودة منذ سيطرة النظام السوري على حي الخالدية، لكن ازداد تفعيلها بعد حادثة تفجير الكلية الحربية (05‏/10‏/2023)، تحسّباً لأي تحضيرات مباغتة، وفق زعم النظام وروايته بأنَّ “خطر الإرهاب ما يزال موجوداً وبأنَّه مشغول بمحاربته”.

وأضاف “وحود” لـ موقع تلفزيون سوريا، أنَّ “الحجة الأُخرى للنظام هي تبرير الوضع الاقتصادي المزري بأنَّه عائد إلى تلك الفزاعة المزعومة، كذلك هو انتقام وتشفٍ من مالكي العقارات وأهالي حي الخالدية، الذي حطّم أسطورة الفرقة الرابعة والحرس الجمهوري”، مردفاً: “لذلك فإنّ النظام يبقي تلك الأحياء مدمّرة وفاقدة للبنى التحتية، ولا يسمح بترميمها، لتبقى ورقة بيده يحرّكها بحسب مقتضيات اللعبة”.

انتشار حوادث سرقة المنازل في الخالدية

 

تنتشر حوادث السرقة في عموم محافظة حمص، خاصّة في حي الخالدية، إذ رصد موقع تلفزيون سوريا، خلال النصف الأول من الشهر الجاري، حادثتي سرقة في حي الخالدية ولعائلة واحدة (منزل الابنة ومنزل أهلها)، خلال غياب أصحاب المنزلين بقصد الزيارة.

وفوجئ أصحاب المنزلين عند عودتهم بنبش الأثاث وسرقة نقود من المنزل الأوّل، وأدوات منزلية وكهربائية من المنزل الثاني، حتّى أنّ السارقين لم يوفّروا المؤونة من زيت وسمن، ما يدلُّ على شدَّة الحال التي وصلت بالسكّان وسط ازدياد الغلاء للمواد الغذائية باستمرار.

 

وبحسب تأكيد عدد من أهالي الحي الذين حاولوا ترميم منازلهم من أجل العودة إليها، بعد أن أنهكتهم الإيجارات، فقد سُرقت منازلهم قبل السكن فيها، وتتمثل السرقة بالأبواب الخشبية وقوالبها، والأسلاك الكهربائية والتمديدات الصحية، حتى بابي المبنى والسطح.

وذكرت إحدى السيّدات أنَّها سمعت صوتاً من الجوار فكانت مجموعة تسرق ما تم تركيبه في منزل جيرانها وبقي عليهم فك المغسلة وكرسي التواليت، وعند الصراخ عليهم فرّوا هاربين، مشيرةً إلى انتشار سرقة الهواتف المحمولة من يد الماشي في الطريق.

فيما يخصّ الخدمات، أفادت إحدى القاطنات في حي الخالدية، بأنَّ الكهرباء تقطع بمعدّل خمس ساعات مقابل ساعة وصل، بينما الماء لا يصعد إلى الخزّان في كل الأيام، لأنّها تحتاج إلى “الدينمو” الذي يحتاج بدوره إلى كهرباء.

 

حي الخالدية

 

تأتي الأهمية التاريخية لـ حي الخالدية من وقوع ضريح ومسجد الصحابي الجليل خالد بن الوليد فيه، الذي عادت إقامة الصلوات فيه، في 18 من حزيران 2021، بعد مرور عامين من انتهاء عمليات ترميمه بتمويل رئيس جمهورية الشيشان رمضان قديروف، وقد أُعلن عن افتتاحه في 20 من شباط 2019، في حين افتتح حمصيون مهجّرون، يوم 27 من تشرين الأوّل 2023، مسجداً يحمل اسم الصحابي ذاته في قرية نيارة بريف اعزاز شمالي حلب.

وحي الخالدية القريب من أسواق مدينة حمص القديمة والحديثة، ما يزال يشهد تهميشاً من قبل نظام الأسد الذي سيطر عليه، قبل 10 سنوات، وما تزال آثار الدمار في أرجائه شاهدة على مجازر وبطش “النظام” فيه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى