النزوح الاسدي : محاولة لخلق أزمة إنسانية مصطنعة … مرهف مينو

نزوحٌ سياسي أم صناعة أزمة

مع تصاعد الأحداث في الساحل السوري، عاد مشهد النزوح إلى الواجهة، لكن هذه المرة ليس بسبب قصف أو معارك تهدد حياة المدنيين، بل كنتيجة مباشرة لحملة تضليل إعلامي تقودها جهات معروفة الولاء لإيران وميليشياتها.

المثير للدهشة أن من يصرّ على تصوير الوضع وكأنه كارثي هم ذاتهم الذين كانوا يهاجمون النازحين في سنوات الثورة، ويتهمونهم بالخيانة والارتباط بمشاريع خارجية.

رغم التأكيدات المتكررة من الحكومة السورية بقيادة الرئيس أحمد الشرع بأن المناطق الساحلية آمنة وتحت سيطرة الأجهزة الأمنية، تصر بعض الجهات على تضخيم الأحداث، في محاولة لإثارة الرأي العام.

اللافت أن معظم المواد الإعلامية التي تروّج لهذا النزوح تصدر عن حسابات مشبوهة على منصات التواصل الاجتماعي، ترتبط مباشرة بحزب الله اللبناني والحشد الشعبي العراقي.

هذه الحسابات لم تكتفِ بتضخيم الأحداث، بل لجأت إلى فبركة صور ومقاطع فيديو قديمة، في محاولة واضحة لخلق أزمة إنسانية مصطنعة يمكن استغلالها سياسيًا وأمنيًا.

لأكثر من عقد، تعامل النظام السابق وأتباعه مع أي مطالب شعبية على أنها مؤامرة خارجية، واعتبروا أن كل دعوة لحماية المدنيين من قصف الجيش الطائفي هي استدعاء للتدخل الأجنبي وخيانة عظمى. لكن المشهد اليوم يبدو كاريكاتوريًا؛ فحين فقدت الطائفة العلوية سلطتها المطلقة، وجدت نفسها في مواجهة الفوضى التي زرعتها لعقود، ولأول مرة خرجت مظاهرات في مناطق علوية، لم تطالب بإصلاحات أو حقوق، بل طالبت بـ”حماية روسية”!

الأكثر إثارة للدهشة أن بعض أبناء الطائفة، الذين نشأوا على شعارات “المقاومة والممانعة”، بدأوا يطالبون صراحةً عبر “فيسبوك” بتدخل إسرائيلي لحمايتهم، متجاوزين حتى محور إيران الذي كانوا يصفونه بـ”حامي الأقليات”.

لم يطالبوا بتدخل عربي، ولا حتى أممي، بل هرعوا مباشرة إلى القوى الأجنبية التي اتهموا غيرهم بالعمالة لها طوال سنوات الحرب.

الحكومة السورية تدرك أن ما يجري ليس أزمة حقيقية، بل مشروع مدروس يهدف إلى تقويض الاستقرار، وإعادة إنتاج فزاعة “الأقلية المهددة” التي لطالما استخدمها النظام السابق لضمان استمراره. من الواضح أن تحركات هذه الفلول ليست مجرد رد فعل على الاشتباكات، بل جزء من خطة أوسع تستخدم النزوح كورقة ضغط سياسي، وتعيد تدوير خطاب المظلومية بطريقة تخدم أجندات خارجية.

السوريون اليوم أمام اختبار جديد؛ فإما أن يقفوا في وجه حملات التضليل الإعلامي، وألا يسمحوا باستخدام النزوح كأداة لإعادة عقارب الساعة إلى الوراء، أو أن يكونوا ضحايا لفوضى مصطنعة يُراد منها تقويض استقرار البلاد وإبقاءها رهينة المشاريع الإقليمية.

……………………………………..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى