خطوط الغذاء إلى السويداء تحت رحمة “أمراء الحرب”.. من يهدد التجار ويجوّع المحافظة؟

في الوقت الذي تؤكد فيه وزارة الداخلية السورية استعدادها لتأمين خط تجاري آمن ومستقر لإغاثة محافظة السويداء المحاصرة بالأزمات، تكشف تصريحات رسمية وشهادات ميدانية عن وجود “قوة خفية” تعمل على إبقاء المحافظة رهينة للجوع والفوضى عبر تهديد التجار ومنع وصول الإمدادات.
تصريحات رسمية تكشف المستور
أطلق قائد الأمن الداخلي في السويداء، العميد أحمد الدالاتي، تصريحاً كشف فيه عن السبب الحقيقي وراء توقف تدفق المواد الغذائية إلى المحافظة. فبعد نجاح آلية التوريد التي تم اعتمادها في 7 آب/أغسطس، والتي شهدت دخول أكثر من 1000 طن من المواد الغذائية في يوم واحد (17 آب)، اعتذر التجار فجأة عن مواصلة عملهم. السبب، كما أوضح العميد الدالاتي، هو تعرضهم لتهديدات مباشرة من “أطراف داخل المحافظة”.
هذا التصريح الرسمي يفتح الباب على مصراعيه أمام تساؤلات حول هوية هذه الأطراف التي تعمل ضد مصلحة المدنيين، وتفضل استمرار الأزمة على استقرار الأوضاع.
من هي “الأطراف” التي تهدد التجار؟
تشير تقارير إعلامية وشهادات ناشطين من داخل السويداء إلى أن مصادر التهديد ليست عشوائية، بل هي جزء من صراع نفوذ تقوده جهات تستفيد من اقتصاد الحرب والفوضى، وتتمثل بشكل أساسي في:
  1. فصائل مسلحة محلية: تسعى فصائل مسلحة، برزت خلال الفوضى الأمنية، إلى فرض سيطرتها الكاملة على “اقتصاد المحافظة”. هذه الفصائل ترى في أي خط تجاري منظم تشرف عليه الدولة أو غرفة التجارة تهديداً مباشراً لمصادر تمويلها القائمة على فرض الإتاوات و”رسوم الحماية” على الشاحنات والتجار. ويتم تهديد كل من يرفض الدفع أو يتعاون مع آليات نظامية بالاستيلاء على بضائعه أو حتى بتعريضه للخطر الجسدي.
  2. شبكات السوق السوداء: ازدهرت في ظل الأزمة شبكات متخصصة في تهريب المواد الأساسية، وخاصة الوقود والطحين، وبيعها بأسعار مضاعفة. إن وصول المواد الغذائية بشكل منتظم وبأسعار معقولة يضرب مصالح هذه الشبكات، مما يدفعها إلى تهديد التجار النظاميين لتعطيل الإمدادات والحفاظ على احتكارها للسوق.
  3. صراع النفوذ بين الفصائل: تعتبر بعض الفصائل أن أي تعاون مع الدولة لتأمين الخدمات هو محاولة من جهات منافسة لكسب الشرعية والنفوذ على الأرض. لذلك، تعمد إلى تخريب هذه الجهود عبر تهديد التجار، لضمان بقاء الوضع على ما هو عليه من فوضى تخدم أجنداتها.
وبينما تؤكد وزارة الداخلية استعدادها لتأمين القوافل، يبقى التحدي الأكبر على الأرض في مواجهة هذه الشبكات التي حولت قوت المواطنين إلى ورقة في صراع النفوذ، وجعلت من تأمين رغيف الخبز مهمة محفوفة بالمخاطر.
؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى