
عبد الغني قصاب: من “شيخ الطريقة” إلى “خلية النظام البائد”
بعد كل هذه السنوات، ما زالت قصص النظام السوري ورجاله تخرج إلينا بتفاصيل لا يصدقها عقل. بالأمس القريب، كتب قتيبة ياسين : تواصل معي شاب من أوروبا، يحمل في ذاكرته حكاية “الشيخ” عبد الغني قصاب، الذي كان يملك طريقة أو ديناً خاصاً قبل الثورة، ومقره في معرتمصرين.
هذه النوعيات، كما نعرف، كانت دائماً مدعومة وممدودة من النظام، لأنها تخدم هدف تخدير الناس وإبعادهم عن أي حراك حقيقي.
لكن ما رواه الشاب كان صادماً، ويزيد من قناعتنا بأن الحقيقة أغرب من الخيال. أخبرني أنه كان من مريدي الشيخ، لكنه تعرض للملاحقة منهم بعد أن قرر تركهم. والسبب؟ محاولة الشيخ الاعتداء عليه جنسياً، وهو ما كان يفعله مع رفيقه، وعندما رفض الشاب وابتعد، غضبوا عليه.
والأدهى من ذلك، أن أولاد هذا الشيخ كانوا يعتدون على نساء مريديهم. إنه شيء أشبه بالكذب، لكن كلما تعمقت في الحالة، تتفاجأ أكثر من حجم الفساد والاستغلال الذي كان يحيط بهذه “الطريقة”.
.
.

.
.
إمبراطورية المال والدين المشوّه
بعد اندلاع الثورة، لم يختفِ قصاب، بل كبرت إمبراطوريته المالية بشكل مذهل، بدعم إيراني واضح. بدأ يدخل التشيع في “دينه الخاص”، فصار يقيم مزارات في حلب ويتبنى شعارات مثل “وا محمداه” على غرار “يا علي”، وقصص أخرى كثيرة تجعل رأس من يتابعها يدور من كثرة فنتازيتها.
تحول الرجل إلى مجند بالسلاح، وتلقى دعماً أكبر من الحرس الثوري الإيراني، وافتتح محلات وشركات، مستغلاً الجمعيات الخيرية التابعة له لاستقطاب المريدين بفضل الأموال الطائلة التي كانت تتدفق عليه. كان نموذجاً صارخاً لتوظيف الدين والمال والسلطة في خدمة النظام وأجندته الإقليمية.
النهاية في طرطوس
بعد سقوط النظام، اختفى قصاب وأتباعه عن الأنظار. لكن الخبر الأخير جاء ليضع نقطة نهاية لهذه القصة الغريبة.
فقد أعلن الأمن الداخلي في طرطوس عن القبض على “عصابة فلول مرتبطة بالنظام البائد” مكونة من 13 شخصاً، وبحوزتهم مستودع أسلحة في أحد المزارع. هذه الخلية لم تكن سوى عبد الغني قصاب نفسه، وأولاده، ومريديه.
هكذا، ينتهي المطاف بـ”شيخ الطريقة” الذي كان يبيع الوهم ويستغل مريديه، ليصبح مجرد “فلول” لنظام سقط، محاولاً العيش في الظل قبل أن تطاله يد العدالة. إنها قصة تختصر الكثير من تفاصيل الفساد الأخلاقي والسياسي الذي كان متجذراً في عمق المنظومة السابقة.
………………………..
.
.
مصدر



