
ألمانيا تعيد فتح ملف ترحيل السوريين وسط تشدد متصاعد في سياسات الهجرة
عاد ملف ترحيل السوريين إلى الواجهة بقوة في ألمانيا، مع تصريحات رسمية متتابعة تكشف عن توجّه حكومي متشدد تجاه ملفات اللجوء والعودة، في وقت تشير فيه البيانات إلى تغيّرات واضحة في حركة اللجوء السورية داخل البلاد.
فبعد مواقف المستشار فريدريش ميرتس التي أكد فيها أن “الحرب في سوريا انتهت” وأن على السوريين “النظر في العودة إلى وطنهم”، شدّد وزير الداخلية الألماني ألكسندر دوبريندت على أن بقاء السوريين في ألمانيا مستقبلاً سيعتمد على نجاح اندماجهم ومشاركتهم في سوق العمل. وقال في مقابلة مع صحيفة “دير شبيغل”: إن “من يندمج ويعمل لديه فرصة للبقاء، أما من لا يندمج ولا يعمل فمستقبله هو العودة إلى سوريا”.
وأشار دوبريندت إلى أن المحادثات بشأن ترتيبات الترحيل جارية، مضيفًا: “بمجرد التوصل إلى اتفاق، سنبدأ بترحيل المجرمين والأشخاص المصنفين مصدر خطر”. لكنه امتنع عن تحديد عدد السوريين الذين قد يشملهم القرار، مؤكدًا أن “السوريين أنفسهم يملكون القرار من خلال نجاح اندماجهم”.
وفي سياق متصل، أوضح الوزير أن من يسافر إلى سوريا لقضاء إجازة أو زيارة خاصة يفقد حقه في الحماية، باعتبار أن “من يستطيع زيارة وطنه لا يواجه خطراً يحول دون عودته”، مؤكدًا أن أي سفر من هذا النوع يعدّ “إساءة استخدام” لحق اللجوء.

ويأتي هذا التشدد ضمن سياق سياسي داخلي يضغط فيه اليمين المتطرف نحو سياسات هجرة أكثر صرامة، بينما تظهر البيانات الرسمية ارتفاعًا ملحوظًا في عمليات الترحيل. فقد رحّلت السلطات الألمانية أكثر من 17,600 شخص بين كانون الثاني وسبتمبر 2025، بزيادة تقارب 20% مقارنة بالعام الماضي، في حين سجّلت طلبات اللجوء السورية تراجعًا كبيرًا بنسبة 67% خلال الفترة نفسها.
كما تراجعت أعداد السوريين الوافدين إلى ألمانيا بنسبة 46.5% هذا العام، مقابل ارتفاع عدد المغادرين بنسبة 35.3%. وبلغ عدد السوريين الذين غادروا البلاد 21,800 شخص حتى أيلول، بحسب مكتب الإحصاء الاتحادي.
على الصعيد السياسي، وجّه المستشار ميرتس دعوة رسمية للرئيس السوري أحمد الشرع لزيارة برلين، لبحث ملفات إعادة الإعمار وتنظيم العودة، في مؤشر على رغبة الحكومة الألمانية بإعادة صياغة العلاقة مع دمشق بعد المرحلة السياسية الأخيرة.
هذه التطورات مجتمعة تشير إلى تغير جوهري في مقاربة برلين لملف اللجوء السوري، وسط توازن حساس بين الاعتبارات الإنسانية، والضغوط الداخلية، والقوانين الأوروبية التي تؤكد مبدأ العودة الطوعية، في وقت تتصاعد فيه المخاوف داخل أوساط اللاجئين من موجة قرارات جديدة قد تعيد فتح ملف الترحيل واسعًا.
.
.
وكالات – مصدر



