محافظة حمص ومجلس مدينتها في مرمى النيران : “شلل خدمي” يفاقم أزمة العائدين والسكان
“اضطررت لاستئجار منزل مقابل مليوني ليرة سورية شهرياً، ودخلي لا يغطي هذه الالتزامات في ظل ركود السوق”. بهذه الكلمات الموجعة، لخص محمد النهار، أحد العائدين إلى حي بابا عمرو في حمص، مأساته التي تعكس واقعاً أوسع من الإهمال والتردي الخدمي الذي يضرب المدينة، حيث باتت القطاعات الخدمية الحكومية في قفص الاتهام.
تعيش مدينة حمص، التي تُعدّ إحدى المدن السورية الرئيسية، تحت وطأة أزمة معيشية وخدمية متفاقمة، فمع عودة أعداد كبيرة من السكان والنازحين إلى المدينة، تضاعفت الضغوط على بنيتها التحتية المتهالكة. إلا أن السكان يحمّلون المسؤولية المباشرة عن هذا التدهور إلى القطاعات الخدمية في حمص، وتحديداً مجلس المدينة ومحافظة حمص، متهمين إياها بالتقاعس وعدم التحرك الفعّال لإعادة تأهيل الأحياء المتضررة.
ويؤكد السكان أن هذا التقاعس الحكومي هو السبب الرئيسي وراء استمرار تدهور الخدمات، مشيرين إلى أن هذه القطاعات هي التي “تؤثر بشكل مباشر” على نوعية الحياة في المدينة. وتظهر التقارير الواردة من الأحياء التي تعرضت لدمار واسع، مثل بابا عمرو وحمص القديمة، أن التحدي الأكبر يكمن في الشلل الخدمي الذي لم يشهد تحسناً يذكر.
ويشير رائد الإبراهيم، من حي البياضة، إلى أن شبكة الكهرباء في حيه تعاني من أعطال متكررة نتيجة تهالك الكابلات، موضحاً أن السكان لا يواجهون التقنين المعتاد فحسب، بل “انقطاعات إضافية تمتد أحياناً لأيام بسبب الأعطال وضعف الاستجابة الطارئة”، وهو ما يلقي بظلال من الشك على كفاءة فرق الصيانة التابعة للمحافظة.
من جهته، يصف محمود شام، من حي كرم الزيتون، واقع الحي بأنه يفتقر إلى أبسط مقومات العيش، لافتاً إلى ضعف خدمات الكهرباء والمياه والنظافة، وانتشار روائح حرق النفايات والبلاستيك داخل المدافئ، ما ينعكس سلبًا على الصحة العامة والبيئة، في ظل غياب خطط واضحة من مجلس المدينة للتعامل مع ملف النظافة والطاقة.
هذا التدهور الخدمي انعكس بشكل مباشر على الأوضاع المعيشية، حيث وثقت منصات عقارية محلية ارتفاعاً جنونياً في أسعار الإيجارات، لتصل إلى مبالغ تتراوح بين 500 دولار أمريكي لنصف عام أو ما يعادل 1.8 مليون ليرة سورية شهرياً في بعض الأحياء، مما يجعل السكن اللائق بعيد المنال عن شريحة واسعة من السكان.
كما أن فرص العمل لا تزال محدودة، والأجور المعروضة في القطاعات المتاحة تُعتبر زهيدة ولا تتناسب مع الارتفاع الهائل في تكاليف المعيشة، مما يدفع السكان إلى اتهام الجهات الحكومية، وعلى رأسها المحافظة، بالفشل في خلق بيئة جاذبة للاستثمار أو توفير فرص عمل مستدامة، ليجد خالد الحاج، من حي دير بعلبة، نفسه خارج حسابات سوق العمل بعد سنوات طويلة قضاها في النزوح، بسبب شرط العمر الذي تفرضه معظم الوظائف.
في المحصلة، يجمع سكان حمص على أن الأزمة الخدمية والمعيشية الراهنة هي نتاج مباشر لغياب التحرك الفعلي من قبل القطاعات الخدمية الحكومية، وعلى رأسها المحافظة ومجلس المدينة، وهو ما يهدد استقرار العائدين وينذر بتدهور الأوضاع الإنسانية بشكل أوسع.
عل فجر المحمد – خاص مصدر – حمص



