سوريا في كأس آسيا.. انقسام حول المنتخب

ارتبط اسم سوريا خلال السنوات الماضية بالدمار والحرب وصراع القوى الدولية، لكن عمر السومة وزملاءه أثاروا انتباه متتبعي كرة القدم، عندما أوصلوا منتخب بلادهم إلى مباراة الملحق الآسيوي المتعلّقة بتصفيات كأس العالم 2018، في مواجهة المنتخب الأسترالي، وكانوا قريبين جداً من الوصول إلى المباراة الفاصلة مع رابع منطقة الكونكاكاف، لولا تسجيل المهاجم الأسترالي تيم كاهيل لهدف الفوز 2-1 في الشوط الإضافي الثاني، لينتهي مجموع مباراتي الذهاب والإياب بـ3-2 لصالح الأستراليين.

رغم الإقصاء.. تواصل الجدل حول تشجيع المنتخب السوري

مواجهة المنتخب السوري مع نظيره الأسترالي آنذاك، جاءت بعد احتلال السوريين للمركز الثالث في المجموعة الأولى بالدور الثالث لتصفيات كأس العالم. ويعني الوصول لهذا الدور التأهل المباشر لكأس آسيا 2019 بالإمارات، بما أن التصفيات كانت مزدوجة، لأن السوريين كانوا ضمن أفضل 12 فريقاً في مباريات الدور الثاني، التي ضمت 40 منتخباً.

جلب المنتخب السوري تعاطف الكثيرين، فقد لعب كلّ مبارياته الإقصائية خارج البلاد بالنظر لظروف الحرب، كما كان تجميع اللاعبين أمراً شاقاً في ظل حالة الفوضى التي يشهدها الدوري المحلي. ومن الناحية النظرية، يبقى الفريق مرّشحاً للوصول إلى الدور الثاني في كأس آسيا، فقد وضعته القرعة مجدداً أمام استراليا، إلى جانب الأردن وفلسطين، ضمن المجموعة الثانية.

بين الرياضة والسياسة

لكن حالة التعاطف مع “نسور قاسيون” (لقب المنتخب السوري) لم تكن عامة، فهناك سوريون رفضوا تشجيع المنتخب، بل منهم من شجعوا المنتخب الأسترالي في المباراة الفاصلة. وتتحدث تبريراتهم في هذا السياق عن أن المنتخب يمثل النظام السوري، الذي يستخدمه لأغراض الدعاية، في ظل الحرب التي تشهدها البلاد واستمرار مطالب المعارضة وقوى دولية برحيل بشار الأشد. وقد فتحت واقعة المنتخب نقاشاً قديماً-جديداً عن علاقة الكرة بالسياسة ومدى تداخل مجالين يظهران نظرياً متباعدين، لكن في العمق تكمن تفاصيل أخرى.

منتخب سوريا بعيون اللاجئين السورين بألمانيا

في هذا السياق، يتحدث جان رمضان، لاعب كرة قدم سوري في ألمانيا (طلب عدم تحديد النادي لأنه في مرحلة تدريب)، لـDW عربية قائلاً إن “المسؤولين عن المنتخب السوري وضعوه في إطار سياسي”، وإن هؤلاء “غير مرغوب بهم من أطياف الشعب في هذه الظرفية”. ويتابع رمضان انتقاداته للمسؤولين بالقول إن غالبيتهم لهم خلفية عسكرية ولا علاقة لهم بالمجال الكروي، وإن المنتخب “ليس حكراً على مجموعة من الأشخاص، بل هو ملك لكل السوريين”.

غير أن جان رمضان يشير إلى أن النقاش حول مدى تمثيل المنتخب للشعب من عدمه لم يعد حاضراً كثيراً: “كان هذا سابقا، أما في الآونة الأخيرة، فقد صارت الأكثرية تتابع المنتخب وتفرح لإنجازاته، فالشعب يريد أن يفرح، خاصة مع انضمام لاعبين كانوا محسوبين سابقاً على المعارضة”.

حاولنا في DW عربية الاتصال بالاتحاد السوري لكرة القدم لأجل إدراج رأيه، غير أننا بقينا مدة أسبوع ننتظر الأجوبة بعد إرسال الأسئلة، دون أن نتوّصل بأي شيء.

من جانبه، يشير الناقد الرياضي المصري، حسن المستكاوي، إلى أن الجدل حول الرياضة والسياسة تكرّر كثيراً في المنطقة منذ “حركات الربيع العربي”، كما أن التاريخ يشهد أن العديد من الحكام استغلوا الرياضة لتلميع صورتهم، لكن عموماً “المنتخبات تمثل الأوطان وليس الحكام”، حسب نظره.

ويتابع المستكاوي لـDW عربية، أن ما يحدث في سوريا ليس سياسة بل “صراع عسكري”، ومن يحمل السلاح في هذه الحالة ليحارب النظام لن يوافق أبداً على تشجيع أيّ منتخب يرعاه اتحاد كرة تابع للحكومة. وينبه الناقد المصري أن الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) ومعه بقية الهيئات الرياضية الدولية الأخرى تعترف بالاتحاد السوري لكرة القدم كمسؤول عن المنتخب السوري.

أيّ حظوظ للمنتخب؟

بعيداً عن النقاش السياسي، تُطرح الكثيرُ من الأسئلة حول قدرة “نسور قاسيون” على تحقيق نتائج مشرّفة في كأس آسيا. وتعاقد الاتحاد السوري مع المدرب الألماني بيرند شتانغه، وتُظهر الأخبار القادمة من سوريا أن الاتحاد دعّم المنتخب مالياً وإعلامياً، كما أشرف على تنظيم معسكر إعدادي في النمسا. وقد تباينت نتائج المنتخب في المباريات الودية التي خاضها، وسط تأكيد دائم من خبراء الكرة أن نتائج مثل هذه المباريات لا يمكن أن تنعكس بالضرورة على نتائج المباريات الرسمية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى