قالت دوائر دبلوماسية ومنظمات إنسانية، إن اللاجئين السوريين يواجهون عقبات سياسية واقتصادية واجتماعية، تحول دون عودتهم إلى بلادهم، التي لا تستطيع توفير الحد الأدنى من الإمكانيات التي تتيح لهم حياة كريمة، وتتصدر هذه العقبات حاليا دائرة الاهتمام مرة أخرى، نظرا لاقتراب مؤتمر المانحين الدولي حول سوريا، المقرر عقده في 15 حزيران/ يونيو المقبل في بروكسل.

سوريا ليست قادرة على إعادة ملايين اللاجئين السوريين، الذين فروا من العنف المسلح بعد اندلاعه قبل أكثر من 12 عاما، والذي تحول سريعا إلى صراع على المستوى الدولي. هذا ما تكرره الدوائر الدبلوماسية والمنظمات الإنسانية السورية قبل أسابيع قليلة من مؤتمر المانحين الدولي القادم حول سوريا، والمقام في بروكسل.

عقبات اجتماعية واقتصادية وسياسية أمام عودة اللاجئين للوطن

يحول غياب الحد الأدنى من الإمكانيات التي تسمح للاجئين السوريين بالتمتع بحياة كريمة، من سكن وعمل وتعليم، من إمكانية عودتهم من البلدان المجاورة التي لجؤوا إليها كتركيا ولبنان والأردن، أكثر من التأثير المباشر للحرب، التي تستمر بشكل متقطع في بعض مناطق البلاد.

كما تضاف إلى تلك العوامل أسباب أخرى، من بينها دعوة الحكومة جميع الشباب للقيم بالخدمة العسكرية الإجبارية، فضلا عن تزايد انعدام الأمن الغذائي بالتوازي مع نقص الخدمات الأساسية مثل المياه والكهرباء والأدوية والوقود.

وفي سياق الأزمة التي طال أمدها في البلاد، وكيفية وصول المساعدات الحيوية إلى المتضررين من النزاع، بالإضافة إلى ما يتعرض له اللاجئون السوريون، قال كيفن كينيدي، المنسق الإقليمي السابق للشؤون الإنسانية في سوريا “إنهم يستحقون مصيراً أفضل مما يحصلون عليه اليوم”.

 

وبالرغم من تراجع العمليات الحربية والقصف بشكل كبير مقارنة بالأعوام الأولى للصراع في سوريا، الذي بدأ في عام 2011، فقد تسبب الصراع حتى الآن بمقتل أكثر من نصف مليون شخص، لكن ما زاد بشكل كبير خلال السنوات الماضية هو عمليات الاختطاف من أجل الابتزاز، وحالات الانتحار، والتخلي عن الأطفال.

 

وبالإضافة إلى العقبات الاجتماعية والاقتصادية أمام إعادة السوريين لوطنهم، توجد عقبات سياسية، إذ أن العديد من السوريين الذين فروا من بلادهم مطلوبون لدى السلطات، باعتبارهم منشقين.

كما تمت مصادرة منازل وأراضي كثيرين آخرين، ليسوا بالضرورة من معارضي النظام، وبسبب القوانين الحكومية، لم يتم الاعتراف بحقوق هؤلاء السوريين في الملكية.

ويدرك آخرون أنه على الرغم من عدم تدمير منازلهم أو تعرضها لأضرار جسيمة، فقد احتلها مشردون آخرون أو أفراد من الميليشيات المحلية والأجنبية.

واستعادت الحكومة السورية مؤخرا مقعدها في جامعة الدول العربية، وهي الحكومة التي يمثلها الرئيس السوري بشار الأسد، حليف روسيا وإيران، والذي يواجه انتقادات شديدة من قبل معظم الدول الغربية.

وخلال الأيام الماضية، كان الأسد، الذي عاد ليصبح أحد قادة المنطقة المعترف بهم بشكل كامل، حاضرا عندما أطلق ممثلو لبنان والأردن في القمة العربية دعوة لإعادة اللاجئين السوريين إلى وطنهم.

12 مليون لاجئ ونازح سوري نصفهم تقريبا في الخارج

ووفقا للأمم المتحدة، نزح حوالي 12 مليون مواطن سوري عن منازلهم وغادر نصفهم تقريبا إلى الخارج، بينهم أكثر من 3 ملايين لجأوا إلى تركيا، التي تعمل دمشق على تطبيع العلاقات معها تدريجيا.

ويتوزع الباقون بين لبنان (الذي يستضيف 830 ألفا منهم، بينما تتحدث السلطات اللبنانية عن حوالي مليونين سوري ينتشرون على الأراضي اللبنانية)، والأردن (660 ألفا)، مع مجموعات أخرى أقل عدداً في العراق ومصر.

وأشارت الأوساط الدبلوماسية في بيروت، في ضوء مؤتمر المانحين المزمع عقده في بروكسل في 15 حزيران/ يونيو القادم، إلى أن دول الجوار السوري كثفت من حدة خطابها المعادي للاجئين السوريين خلال الأسابيع الماضية، وذلك لأسباب سياسية داخلية، بالتزامن مع انتهاء الحملات الانتخابية، وهو نفس السيناريو في لبنان وتركيا، بالإضافة إلى أسباب تتعلق بطلب دعم مالي إضافي من الدول الغربية المانحة.

وقال وزير الخارجية اللبناني عبد الله بو حبيب، خلال زيارته لإيطاليا والفاتيكان الأسبوع الماضي، إن وجود السوريين في لبنان “يهدد التوازن الإسلامي المسيحي”، مستغلا الخطاب الديني وخطاب الهوية الشائع في أوروبا أيضا.

بينما أكدت أوساط إيطالية أن وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاجاني التقى نظيره اللبناني، وأنه “تداول معه الديناميكيات الإقليمية الرئيسية، ودرسوا بشكل خاص قضية تدفقات الهجرة”.

 

وشهد لبنان الذي يقف على حافة الانهيار الاقتصادي في ظل وجود حكومة عاجزة مع عدم وجود رئيس للبلاد، محاولات للعديد من المواطنين السوريين واللبنانيين والفلسطينيين للوصول إلى إيطاليا بشكل غير قانوني على مدار العامين الماضيين.

ووفقا لمراقبين محليين، يخاطر اللاجئون السوريون في لبنان بحياتهم في البحر بدلا من العودة إلى سوريا.