
مقتل أربعة بينهم ضابط من النظام السوري في عملية لـ «سرايا المقاومة في حمص»
على الرغم من مرور أكثر من عامين ونصف العام على سيطرة النظام السوري على محافظة حمص، وسط البلاد، إلا أن النظام لم يتمكن حتى الآن من إحكام قبضته الأمنية على المحافظة، التي ما زالت تشهد نوعاً من الرفض لسيطرة قواته، وأسوة بما يجري في درعا جنوب سوريا، تعرضت مفرزة للأمن العسكري التابعة لقوات النظام السوري في حمص لهجوم مسلح أمس، بالأسلحة الخفيفة والقنابل اليدوية والألغام، أسفر عن مقتل أربعة بينهم ضابط، وجرح عدد من الجنود، وذلك في مدينة الرستن في ريف المحافظة الشمالي وسط سوريا.
قتلى وجرحى
مصادر محلية قالت إن المفرزة الواقعة قرب جسر الرستن على الطريق الدولي حمص – دمشق تعرضت منتصف ليلة الثلاثاء – الأربعاء، لهجوم بالأسلحة الرشاشة والقنابل اليدوية، ما تسبب بوقوع قتلى وجرحى، فيما تبنت مجموعة مسلحة تطلق على نفسها اسم «سرايا المقاومة في حمص» العملية، في بيان رسمي بثته عبر مواقع التواصل، معلنة إنجاز العملية بعد استطلاع داخلي وخارجي وباختيار وقت دقيق.
وأكد البيان أن العملية التي استهدفت مفرزة للأمن العسكري أسفرت عن مقتل أربعة عناصر، بينهم ضابط، كما جرحت بقية عناصر المفرزة. وتوعدت «سرايا المقاومة» قادة الحرس الثوري الإيراني ورؤساء الأجهزة الأمنية التابعة للنظام باستهدافهم في الزمان والمكان المناسبين، مؤكدة رفضها للتفاهمات المبرمة مع النظامين السوري والروسي التي لم تلتزم الميليشيات الإيرانية بـها.
المفرزة ذاتها، كانت قد تعرضت سابقًا لهجوم مماثل في شهر فبراير/شباط من العام الجاري، حيث اندلعت اشتباكات بين المهاجمين وقوات النظام، بالأسلحة الخفيفة أسفرت عن سقوط قتلى.
الباحث السياسي لدى المؤسسة السورية للدراسات وأبحاث الرأي العام، رشيد الحوراني، من حمص، أوضح أن المحافظة وخاصة الريف الشمالي منها، يشهد عمليات عسكرية ضد النظام السوري ومقرات حلفائه الروس والايرانيين، من قبل الأهالي والشبان في المنطقة، مؤكداً أنه «لا وجود لمجموعة مسلحة معينة بحد ذاتها تتبنى العملية وهذا أمر «عارٍ عن الصحة». ومرد ذلك وفقًا للمتحدث هو شعور الأهالي بخيبة أمل كبيرة من عدم الوفاء من قبل النظام والروس بما تم الاتفاق عليهم، بالإضافة إلى ابتزاز الشباب في المنطقة على الحواجز.
وقال لـ«القدس العربي» من يقف وراء هذه العمليات هم الأهالي وعدد من الشبان غير المنظمين، الذين يستفيدون من السلاح الذي تركته الفصائل المسلحة في المنطقة، قبيل خروجها، من خلال التواصل مع الفصائل ومعرفة أين خبأوا سلاحهم الذي لم يسلموه للنظام. واعتبر أن ما يجري في حمص، هو ذاته ما يجري في درعا، عازياً السبب إلى «شعور الأهالي بخيبة الأمل من النظام والروس وتسليط الايرانيين عليهم، فبدأوا باستهداف مصالح لهم وفق ما تتوفر لديهم من إمكانيات».
وأضاف «الشاب المتخلف عن الخدمة بإمكانه المرور من حاجز ما، بمبلغ 50 ألف ليرة سورية، وإذا وجد في الطريق أكثر من حاجز فإن الأمر مرهق، أو من خلال الضغط على الأهالي بزيارة دوريات الأمن للبيوت والسؤال عن الشباب المتخلف عن الخدمة، ونظراً لهذا الوضع ولعمل بعض من بقي في الريف الشمالي سابقاُ مع الفصائل التي خرجت في العام 2018 يقوم بالتواصل معهم ومعرفة أماكن تم تخبئة بعض السلاح والذخيرة فيها لاستهداف مقرات النظام وحلفائه».
واعتبر العقيد فاتح حسون أن هذه العمليات رسائل ميدانية لروسيا من أجل إجبار النظام على الإيفاء بالتزامات التسوية، وقال لـ«القدس العربي» يبدو أن ذلك يصب في سياق صراع النفوذ ما بين القوات الروسية والإيرانية في بعض مناطق سوريا، لا سيّما في المنطقة الوسطى، وما عزّز تحليل «غض النظر الروسي» عن «سرايا المقاومة في حمص» هو مطالبة الأخيرة بالإفراج عن عميل روسيا الأول في حمص «منهل الضحّيك» الذي اشتبك مع ميليشيات إيرانية قرب تلبيسة لخلافات تتعلق بتجارة المخدرات. وهو من قاد عملية التسوية مع النظام في ريف حمص الشمالي. وأضاف «لقد تصاعدت العمليات العسكرية التي تنفذها «سرايا المقاومة في حمص» لتصل إلى مناطق لا يمكن التنفيذ فيها إلا بمساعدة من داخل النقاط المستهدفة. مع ملاحظة ابتعاد هذه السرايا عن استهداف النقاط الروسية، وحصر عملياتها ضد مراكز ومقرات نظام الأسد وإيران، ويظهر من بيانات «سرايا المقاومة في حمص» مجاراتها لتيارات ضمن الأجهزة الأمنية للنظام، حيث أشارت إلى أنها رفضت طلب (تجنيد عناصرها ضد القوات المتواجدة شرق الفرات بتسهيل ودعم من حلفاء النظام) ويبدو أنها أرادت بذلك فتح قنوات مع القوات الأمريكية في منطقة شرق الفرات، لكنها غالبا فشلت».
استهداف «سرايا المقاومة»
واعتبر حسون أنه لا يمكن إنكار استهداف «سرايا المقاومة في حمص» لميليشيات مدعومة من إيران، ونقاطاً عسكرية للنظام، ومنشآت اقتصادية للنظام تموُل الإيرانيين، إنما لا يبدون الارتياح لها، بسبب ابتعادها الواضح عن المساس بالروس ومصالحهم في سوريا، وهذا بحد ذاته يثير الشكوك، فمعظم العمليات العسكرية التي تنفذها «سرايا المقاومة في حمص» تحتاج لدعم مالي، بالرغم من أنها نُفّذت بأعداد قليلة من العناصر يطبقون تكتيكات حرب العصابات، وعندما توسعنا بمتابعة «تجارة المخدرات» في حمص تبيّن لدينا وجود ارتباط لعناصر نظن أنهم مرتبطون بالسرايا مع هذه الجريمة، كما أن بيانات «سرايا المقاومة في حمص» تُذيّل برقم أشبه ما يكون لشيفرة تتعلق بأرقام هاتفية، مما يعني استخدامها أساليب أمنية غير معتادة عليها الأشخاص غير المدربين، وهذا يعني كذلك وجود قيادة موحدة تنسق أعمال عناصرها. وانتهى حسون إلى القول «أيّاً تكن حسابات الجهة التي تقف خلف «سرايا المقاومة في حمص» فإني أرى أن أعمالها المحصورة في المجال العسكري دون التعرض للمدنيين يصب في خانة «عدم قدرة نظام الأسد المجرم على السيطرة على مناطق التسويات، وفشله في جعلها آمنة ومستقرة».



