حلب تباد بحقد تاريخي
في سنة 540 ميلادي غزا الفرس حلب، وصبوا جام حقدهم على المدينة التي تعود للألفية السادسة قبل الميلاد وأحرقوا كامل المدينة ولكن القلعة التي لجأ إليها الأهالي ثبتت لهجمات الغزاة, و أعاد الإمبراطور جوستينيان الأول بناء مواقعها الدفاعية، وبنى فيها كاتدرائية جميلة، ولكن تهديد الفرس المستمر حال دون ازدهار المدينة.
وبعد مرور مئات السنين لم ينس الفرس، حقدهم على حلب والشعب السوري، ليعودوا من جديد مساندين نظام الظلم والإجرام ضد الشعب الأعزل الذي طالب بحريته بعد مرور خمسة عقود من الطغيان الذي مورس بحقه، حيث وقفوا مع نظام الاسد منذ انطلاق الثورة السورية مشاركينه بالقتل والتدمير مقدمين كافة أشكال الدعم لبشار الأسد, فمنذ عدة أشهر حاولوا السيطرة على درعا وباؤوا بالفشل وكرروا المحاولة في الغوطة الشرقية وأيضا فشلوا.
ومع انطلاق مفاوضات جينف بدؤوا بتعزيز جبهاتهم في حلب واستجلاب الميليشيات الأفغانية والإيرانية إلى سورية, لشن معركتهم على حلب واسترجاعها كما يقولون. ولكن الهدف ليس استرجاع حلب بل تدميرها وتهجير أهلها, والدليل على ذلك ما يقوم به الطيران الروسي والأسدي من قصف للمستشفيات والبنى التحتية لأحياء حلب و مراكز الدفاع المدني والمستشفيات والأسواق الشعبية، بغية دفع السكان إلى الهجرة القسرية .
لقد مر على سوريا في مراحل التاريخ العديد من الحروب التي دمرت الكثير من الحضارة السورية ولكن لم يمر على تاريخ سوريا ما تتعرض له الآن في حقبة بشار الأسد, بمساعدة من الإيرانيين “الفارسيين” حيث تشهد حلب مجزرة لم يسبق للتاريخ أن رأى مثلها فإذا نظرنا للحقبة التي استولى فيها الرومان على بلاد الشام سنة 64 ق.م نجد أن حلب نعمت بحقبة طويلة من السلم تحت سلطتهم، وذلك لتمتع المدينة بحياة اقتصادية ناجحة ومزدهرة, ليأتي عهد الأسد حارقا كل المواثيق مدمرا البشر والحجر غير آبه بأي شيء.
واليوم أمام ما نرى من مجازر فاقت الخيال بكثير من قصف وتدمير لحلب خاصة ولعموم المناطق السورية التي راح ضحيتها آلاف الشبان والرجال والنساء والأطفال نعود لنستذكر نيرون روما الذي تغشّاه الجنون بطغيان لم يسبق له وجود، غير أن الأقدار ساقت في القادم من الأيام ” وبعد آلافٍ من السنين” مثيلاً أو أخاً له إذا صحّ التعبير, “بشار الأسد” الذي لم يفتأ يقتل كل الشعب السوري لمجرد مطالبته بالحرية.
في تصنيف بسيط للأزمة السورية بمقياس المشاهد الإعلامية يمكنني أن أرتِّب مراحل الاستبداد وتداعياتها على الشعب السوري, بمشهد طفل في حمص المحاصرة يسأله المراسل ماذا تشتهي الآن فأجابه أشتهي خبزاً ولحماً ثم بعد زمن قال آخر أشتهي خبزا وسكت ثم بعدها بقليل قال آخر أشتهي ماءاً وبالأمس الطفلة الحلبية تصرخ بأعلى صوتها “أش ذنبنا” وفي النهاية صار السوريون كلهم يشتهون حياةً فقط حتى صاروا يتسولونها على أرصفة المنفى.
أحمد سلوم | مصدر