الائتلاف السوري يوسع نساءه لإنقاذ حلب .. د.اسامة الملوحي

 

بسم الله الرحمن الرحيم

على وقع القصف الجنوني الماسح لحلب…وعلى ايقاع انهيارات الأبنية وما تبقى من بيوت حلب …وفي الملوحي1أجواء الموت والدمار والحصار والجوع في حلب …يعقد الائتلاف السوري مؤتمراً لتوسعة نسائه ومن يدري لعلهم يعقدونه تحت شعار “لإنقاذ حلب”.

كثيرون من الذين يُحسنون الظن توقعوا أن يتحرك الائتلاف من أجل حلب وأن يعلن حالة طوارئ خاصة من أجل حلب وأن يعقد لذلك مؤتمرات صحفية صاخبة صارخة لأجل حلب ولكن الائتلاف كان أكبر من ذلك بكثير وفاجأ الجميع بما هو أعظم من ذلك…فاجأهم بعقد مؤتمر التوسعة النسوية الذي سيفجر فيه البشارة الكبرى وهي تأسيس “هيئة المرأة السورية”….هكذا بالعموم “المرأة السورية” بدون تخصيص أن تكون المرأة ثائرة أو راكنة.

الائتلاف يشكل للمرأة كياناً ويصنع لها مكانة ليعزز دورها في تبعية الرجل داخل الائتلاف وليدخل عدداً معلوماً تمَّ اختيار ثلثيه فعلاً وسيتم توجيه اختيار الثلث الباقي في المؤتمر القادم, وقدومه سيكون في اليوم الثاني من شهر كانون الأول….

ولابد أن يلقي رئيس الائتلاف كلمة الافتتاح وسيشجب في كلمته السكوت الدولي عن الجرائم في حلب وسيخاطب النساء كأي قائد ملهم شجاع “إن دوركن المطلوب المنشود سيعزز من صمود الثوار في الداخل” و سيشرح للنساء كمنظِّرٍ سياسي حكيم كيف ان المرأة نصف المجتمع وأن دورها رئيسي وهام كدور الرجل.

ولكن لماذا انتبه الائتلاف فجأة وفي هذا التوقيت بالذات لدور المرأة ومكانتها وحصتها في الائتلاف والعمل السياسي المعارض عامة؟

هل هناك من نبهه أو نصحه أو فرض عليه؟

هل هناك من فرض على الائتلاف أن يجعل حصة معلومة للنساء داخل الائتلاف وقربه ليكون الائتلاف جاهزاً لما بعد “قيامة حلب”؟

يبدو أن رعاة الائتلاف يريدونه جاهزاً مدرباً ملوناً بالألوان الدولية الرسمية المقبولة.

في بداية الفكرة ظنَّ بعض أعضاء الائتلاف أن مؤتمر المرأة والتوسعة خيار حر للائتلاف وأعضائه وراح بعضهم يعترض في المناقشات ويرفض أي توسعة ليبقى العدد الكلي محدوداً وملائماً لأي قسمة قادمة بناتج مفيد غير هزيل للأعضاء.

وبعضهم لما علم بأن التوسعة رغبة “دولية” والقرار فيها اتخذ من فوق قال لنعط لكل تيار ائتلافي حصته وفق النسب المعتمدة ولننه الأمر….ولكن الجميع سكت وامتثل عندما علم أن الذين هم فوقهم يريدون مع التوسعة التحاصصية كياناً خاصاً ذو سيادة كاملة للمرأة…كيان يملك استقلالية القرار والتنظيم والإرادة والعمل ولكنه يتبع الائتلاف بشكل كلي تام ولا يعصي له أمراً.

وليس العيب الذي وقع فيه الائتلاف يخص التوقيت السيء فحسب بل كان في كل الأسس والمنطلقات ودلالات الجدوى…

– المنظمة المزمع انشاؤها تستمد شرعية نشوئها من الائتلاف وهذا أمر يُفقدها أي شرعية شعبية أو ثورية أوانتخابية لأن الائتلاف أصلاً جهة مفروضة وغير منتخبة ويعاني أعضاؤه من فقدان الشرعية.

– الشرعية التي يطرحها الائتلاف على أنه يملكها وسيمنحها للمنظمة النسوية هي شرعية اعتراف جزئي هزيل لبعض الدول به وهذه ليست بشرعية مقبولة بل هي تبعية ترهق الثورة وتعطل مسارها لتحقيق  ثوابتها,  وهي باب لتدخل الدول الفاعلة الاقليمية والكبرى.

– وأجندات هذه الدول أصلاً لا تحرص على ثوابت الثورة بل تساوم عليها وتفرط فيها أمام الدول الداعمة للنظام السوري في أي صفقة أو تفاهم.

– التبعية التي عليها الائتلاف ستُفرض على المنظمة النسوية وستُفرض كل الارادات الاقليمية والدولية عليها بنفس الطريقة….وستُذهب هذه التبعية كل هيبة واحترام لهذه المنظمة من قبل كل الحكومات المشاركة في الصناعة وغير المشاركة.

– هذه المنظمة النسوية تعقد اجتماعاتها تحت رعاية وتمويل جهات أجنبية وتفرض هذه الجهات آراءها من خلال غطاء التدريب والتحضير…وكان في التدريب والتحضير استهانة واستصغار واضحين بقدرات المرأة السورية الثائرة….

– وقبل أول لقاء تمهيدي للمؤتمر وحرصاً من الائتلاف على استقلالية الكيان النسوي الجديد وعدم التدخل فيه فقد قام بتعيين عشر عضوات من أصل خمسة عشر مطلوب من الائتلاف ضمهن لأعضائه.

– وأملى الائتلاف كل البنود اللازمة لتبعية الكيان ورؤية الكيان السياسية إليه في النظام الداخلي المطبوخ سلفاً والمطلوب الموافقة عليه شكلاً في المؤتمر.

– وحرص الائتلاف كل الحرص على الدعوات المغلقة المحسوبة للسيدات وحرص المكلفون كل الحرص أن لا يدخل عليهم ناقد أو مشجون ونجحوا في ذلك إلا من قلًة قليلة حاولت الإصلاح والإقناع وطرح الانتخاب الحر المفتوح كحل وضمانة نجاح و لمّا حوصرت اقتراحات وجهود القلّة ورُفضت , أخرجت ما دبر بليل بهيم إلى العلن.

– وقالوا من ضمن ما قالوا ليُسكتوا من اعترض: “مالكم وما لنا, أنشئوا أنتم ما تريدون بمالكم وجهدك” وقد يقنعون بقولهم هذا بعض الغافلين ولكن المنتبهين سيردون:” المال والقدرات والعلاقات ليست لكم وليست مالكم و تمرير نشوء منظمة تابعة وفاقدة للشرعية سيصنع عائقا ضخماً أمام أي تجربة تليها تعتمد الأسس الصحيحة وستخنق المنظمة التابعة الممولة بسهولة أي منظمة أخرى عندها الشرعية الانتخابية”.

وأخطر ما في تدبير هذا الأمر وربما هو ما دفع المدبرين لتدبيره على عجل…و هو الغرض السياسي المرتب الذي يمكن أن تتورط فيها المنظمة النسوية إذا تابعت الائتلاف و نسقت مواقفها معه ومن ذلك  موضوع المفاوضات والتسويات السياسية المقبلة وهي الخطر الأكبر, فالإشارات والاحتمالات الواردة كثيرة وكبيرة أن يستجيب الائتلاف لإرادات الدول وضغوطها لما تريد من ابقاءٍ لبشار الاسد في السلطة لفترة انتقالية أو أكثر من ذلك, والائتلاف لطبيعة تكونه وارتباطه وتبعيته لن يستطيع الرفض والإصرار, والتبعية السياسية للمنظمة النسوية ستوقعها في نفس الاستجابة والمأزق.

و لن يكون هناك من مهرب فهناك  نص أساسي في أوراق المنظمة النسوية يعتبر الائتلاف مرجعية للمنصة في سياستها العامة و في نشاطاتها الأساسية…و هناك نص آخر قبله ينص على  ضرورة وجود دور لهذه المنظمة في مرحلة الانتقال السياسي الذي يبدو أن اللاعبين يعدون له ويرتبون له بأسرع مما يتوقع الجميع…

ويبقى القول الراسخ المتين…لا غالب إلا الله.

د. أسامة الملوحي

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى