40 شهيداً في غارات جوية على دوما بعد فشل تطبيق اتفاق الإجلاء
قُتل 40 مدنيًا على الأقل الجمعة في غارات على مدينة دوما، آخر جيب لمقاتلي المعارضة قرب دمشق، هي الأولى منذ أكثر من أسبوع وتأتي بعد تعثر تطبيق اتفاق إجلاء المقاتلين من المدينة.
واستعادت قوات النظام السوري خلال الأسابيع الماضية السيطرة على كامل الغوطة الشرقية، باستثناء جيب دوما الذي يسيطر عليه فصيل جيش الاسلام. وتمّ ذلك بعد هجوم عنيف تلى خمس سنوات من حصار خانق، وقتل خلاله أكثر من 1600 مدني.
ونفذت قوات النظام الهجوم بدعم من روسيا التي فاوضت فصائل المعارضة على الخروج من مناطق سيطرتها بعدما أنهكها القصف والحصار والدمار. وأعلن الاعلام الرسمي السوري قبل أيام التوصل الى اتفاق لإجلاء المقاتلين والمدنيين من دوما، كما حصل مع الجيوب الاخرى في الغوطة الشرقية. لكن “جيش الاسلام” امتنع عن التعليق على الموضوع.
وخرج بالفعل حوالى أربعة آلاف شخص هم مقاتلون وأفراد عائلاتهم وتوجهوا الى ريف حلب في شمال البلاد. لكن العملية توقفت الخميس. فقد دخلت نحو عشرين حافلة إلى دوما، لتعود أدراجها فارغة. وتحدثت وكالة الانباء السورية الرسمية “سانا” عن “خلافات داخلية” بين عناصر “جيش الاسلام”. وقال المرصد السوري لحقوق الانسان من جهته “تبيّن أنه من أصل العشرة آلاف مقاتل لدى جيش الإسلام، أكثر من أربعة آلاف يرفضون الخروج بتاتا”.
وبعد توقف منذ أكثر من أسبوع للسماح بتنفيذ اتفاق الإجلاء، عادت الطائرات إلى القصف الجمعة.
وقال المرصد إنّ عشرات الغارات الجوّية استهدفت أجزاء متفرقة من دوما ومن بينها غارات يُشتبه في أنّ مقاتلات روسية شنّتها.
وأشار المرصد إلى أن تلك الغارات أدت إلى مقتل 40 شخصًا على الأقل بينهم ثمانية أطفال.
وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن الجمعة “استُهدفت دوما بعشرات الغارات الجوية على أحياء سكنية”، مشيرا إلى وجود عشرات المصابين أيضا.
وأفادت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) بأن “قوات من الجيش العربي السوري دخلت إلى مزارع دوما”.
وتحدث عبد الرحمن عن “هجوم بري من قبل قوات النظام على مدينة دوما من جهة مزارع الريحان ومن محور مسرابا”. وقال “تدور اشتباكات عنيفة بين قوات النظام ومقاتلي جيش الإسلام”.
وقال مصدر طبي في مدينة دوما لوكالة فرانس برس في اتصال هاتفي معه إنّ “الشهداء يصلون الى المشفى أشلاء ولا نستطيع التعريف عنهم”.
وقال طبيب من داخل المدينة إنّ التلفزيون الحكومي يبث القصف مباشرة على الهواء.
وأضاف معرّفا عن نفسه باسم محمد “حسّيت ان نحنا بأيام حرب غزة أو العراق، وقت الأمريكان والإسرائيليين كنا عم نشوفهم مباشر عم يقصفونا”.
ونقلت “سانا” عن مصدر عسكري أنّ “مسلحي جيش الإسلام وبعد عرقلتهم للاتفاق القاضي بإخراجهم من مدينة دوما قصفوا بالقذائف ضاحية الأسد السكنية في حرستا والمدنيين الموجودين في ممر مخيم الوافدين ما تسبب بإصابات بين المدنيين وخسائر مادية”.
كما نقلت الوكالة عن مصدر في قيادة شرطة دمشق أن هناك “4 شهداء و22 جريحا جراء القذائف التي أطلقها إرهابيو جيش الإسلام على الأحياء السكنية في دمشق”.
لكنّ المتحدث باسم جيش الإسلام حمزة بيرقدار قال “ننفي استهداف أي منطقة في العاصمة دمشق أو (أي) حي من أحيائها”.
– سقوط الاتفاق؟
وتشكل حرستا جزءا من الغوطة الشرقية التي سيطرت عليها قوات النظام بعد أن وافقت “حركة أحرار الشام” على الخروج منها بموجب اتفاق مع روسيا. وتلاها خروج “فيلق الرحمن” من الجيب الجنوبي للغوطة الشرقية.
وأجلي عشرات آلاف المقاتلين والمدنيين من هاتين المنطقتين إلى محافظة إدلب في شمال غرب البلاد الواقعة تحت سيطرة فصائل معارضة وهيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقا).
وكان النظام هدد بشن هجوم عسكري جديد على دوما ما لم يقبل المقاتلون باتفاق الاجلاء المعروض عليهم.
ويشعر المدنيون الباقون في دوما بقلق شديد.
وقال أحد سكان دوما الذي قدم نفسه باسم محمد عبر الهاتف “هناك توتر كبير، وفوضى عارمة. وهناك الكثير من الشائعات”.
وأَضاف “ننتظر المجهول. الشائعات أسوأ من القصف”.
ولا يبدو أن أمام جيش الاسلام خيارات كثيرة.
ويقول المحلل في معهد “عمران للدراسات” نوار أوليفر “هذه الغارات تمهيد لعمل بري وهناك حشود عسكرية”، مضيفا ان “هناك ضغوطا قصوى على جيش الاسلام”.
وتابع “المفاوضات فشلت والنظام يريد أن تمشي شروطه. الغارات لمحة عما يمكن أن يحصل اذا لم تطبق هذه الشروط”، مشيرا إلى أن جيش الاسلام “قد يوافق في آخر لحظة ويتجنب عملية عسكرية”.
ا ف ب