في الوقت الذي يستعد فيه حزب “العدالة والتنمية” التركي الحاكم والأحزاب المعارضة له، للانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي ستشهدها تركيا بعد نحو أقل من عامين، عادت مسألة اللاجئين السوريين في البلاد والبالغ عددهم أكثر من 3 ملايين، إلى الواجهة مجدداً، خاصة مع ارتفاع نسبة البطالة بين المواطنين الأتراك بعد تفشي فيروس كورونا، الذي تزامن مع أزمة اقتصادية خانقة في البلاد تستمر منذ سنوات.

وعلى الرغم من أن الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، أعلن سابقا رفض حكومته لإعادة السوريين إلى بلدهم في الوقت الحالي، إلا أن وزير خارجيته مولود تشاويش أوغلو أعلن الأسبوع الماضي، عن أن بلاده تعمل مع مفوضية “الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين” على إعادة السوريين إلى وطنهم بشكلٍ “طوعي”، على حدّ تعبيره.

قوانين جديدة

تعليقا على تلك القضية، أوضح عبدالله دمير، الرئيس المشارك لمؤسسة “حقوق اللاجئين” التركية الدولية أن “أنقرة قد تضع ملف إعادة السوريين إلى بلدهم على جدول أعمالها وتتخذ قوانين جديدة في هذا الصدد، بعدما تعمّدت شركات هواتف محمولة تركية إرسال رسائلٍ SMS إلى السوريين لحثهم على العودة الطوعية إلى بلدهم وتخصيص مراكز حكومية لهذا الغرض”.

وأضاف لـ”العربية.نت” أن “وجود اللاجئين السوريين في تركيا هو موضع خلاف بين الحزب الحاكم وخصومه، لكن يجب أخذ سلامة أرواح هؤلاء الناس بعين الاعتبار عند الحديث عن ترحيلهم إلى بلدهم خاصة في الوقت الحالي، حيث لم تنتهِ الحرب بعد بشكل كامل”.

كما أوضح أن “مختلف المناطق السورية لا تزال غير آمنة، كما أن القانون الدولي يحظر عودة اللاجئين إليها في هذه الظروف، ولذلك لا ينبغي ترحيلهم، ويجب التحقق من أن عودتهم طوعية وآمنة”، مشدداً على أن “أحزاب المعارضة التركية تحاول أيضا الاستفادة من هذه المسألة، بحيث تدعو لترحيل اللاجئين مقابل كسبها لأصوات ناخبين يرفضون تواجدهم في البلاد”.

لاجئون سوريون في تركيا (أرشيفية- فرانس برس)
لاجئون سوريون في تركيا (أرشيفية- فرانس برس)

الحزب الحاكم والمعارضة

وبحسب دمير الذي يعمل في مؤسسته مع اللاجئين منذ سنواتٍ طويلة، فقد بات خطاب الحزب الحاكم تجاه اللاجئين “يتماهى” مع الذي يتبناه حزب المعارضة الرئيسي في تركيا وهو “الشعب الجمهوري”، في إشارة منه لإعلان تشاوش أوغلو مؤخراً حول ما سمّاه بالعودة “الطوعية” للسوريين إلى بلدهم.

وقال في هذا الصدد أيضاً إن “الأحزاب المعارضة تحاول الحصول على أصوات الناخبين عبر استخدام ملف اللاجئين لأغراضٍ سياسية، رغم أنها تعرف القانون الدولي جيداً، لكنها تتجاهله”.

لاجئون سوريون في تركيا (أرشيفية- فرانس برس)
لاجئون سوريون في تركيا (أرشيفية- فرانس برس)

إلى ذلك، أوضح أن الأزمة الاقتصادية التي تشهدها تركيا تلعب دوراً سلبياً على وجود اللاجئين، لاسيما وأن البلاد تستقبل العدد الأكبر بين كل دول الجوار”.

من جهته، قال الخبير الاقتصادي التركي، جان كاكي شيم، للعربية.نت إن “عددا كبيرا من الأتراك يربط قلّة فرص العمل وارتفاع نسبة البطالة بوجود اللاجئين السوريين”، الذين يتوزعون بشكلٍ أساسي في المدن الواقعة جنوب شرقي البلاد وغربها، إضافة لإسطنبول وأنقرة.

قيود الـ”كيملك”

ورغم أن أنقرة تمنح اللاجئين السوريين المقيمين على أراضيها بطاقة إقامةٍ مؤقتة تسمى بالتركية “كيملك”، إلا أن معظمهم يشكو من القيود التي تفرضها عليهم هذه البطاقة، من جهة حصر إقامتهم في المدينة التي حصلوا فيها على هذه الإقامة، ومنعهم من التجول في البلاد من دون “موافقة سفر” مسبقة، يحصلون عليها من قبل دائرة الهجرة.

يذكر أن عدد اللاجئين السوريين في تركيا يقدر بنحو 3.6 مليون لاجئ، حصل عشرات الآلاف منهم على الجنسية التركية في حين أن 90% منهم يفضّلون السفر إلى أوروبا عوضاً عن البقاء في تركيا، وفق آخر مسح أجراه حزب “الشعب الجمهوري” قبل أيام.