«سفينة الحب» عرض مسرحي مع لاجئين وجرحى ومعتقلين سابقين
المسرح في قلب العاصفة
بدأ المخرج والممثل السوري نوار بلبل بروفات مشروعه المسرحي الجديد «سفينة الحب»، وهذا هو مشروعه الثالث مع اللاجئين السوريين في الأردن، بعد عرض «شكسبير في الزعتري»، وكان ثمرة عمل مع أطفال مخيم الزعتري، مخيم اللاجئين السوريين الأكثر شهرة، والأكثر بؤساً، تلاها العرض المسرحي «روميو وجولييت»، الذي قدم في آن واحد في عمان وفي «حي الوعر» المحاصر في مدينة حمص السورية.
يقوم العمل، على ما روى المخرج بلبل لـ «القدس العربي»، على حكاية فرقة مسرحية سورية شتتتْها الحرب وبددت أعضاءها كل في مكان، وتحول بعضهم إلى معتقل أو جريح، وها هم الآن يحاولون جمع شتات فرقتهم في مركب بحري لخوض رحلة السفر إلى بر الأمان، في رحلة خطرة براً وبحراً، أسوة بآلاف السوريين الذين عبروا إلى أوروبا.
الفرقة التي تجتمع بعد خمس سنوات ستكتشف مآسي أفرادها، فهذا معتقل، وهذا جريح، وتلك مغتصبة، وذاك عاش رحلة نزوح مضنية. على المركب ستختلط قصص هؤلاء وتجاربهم الشخصية بحكايات وشخصيات مسرحية يحاولون استعادتها، على سطح المركب، الذي يشكل نوعاً من خشبة مسرحية تنقسم إلى ممثلين وجمهور.
تحاول المجموعة أن تروي تفاصيل مآسي السوريين أثناء الهروب، بدءاً من مشكلتهم مع المهربين، حيث يهرب الرجل الذي يفترض أن يقود المركب، فيتبرع أحدهم للقيام بذلك. يمر المركب بمحطات عديدة، وسيكون مروره على كل بلد فرصة لاستذكار واستحضار شخصية مسرحية مشهورة، قد تلتقي بحكاية شخصية لأحد الممثلين، سيروي عبرها الممثل، جريحاً كان أم معتقلاً مأساته الشخصية محمولة على شخصية أدبية، مسرحية مشهورة.
هكذا حين يصل المركب إلى اليونان سنستمع، حسب ما يقول المخرج بلبل الذي كتب النص بنفسه، إلى موسيقا فيلم «زوربا»، ثم يعود الفريق إلى الكاتب أرستو فان لتقديم مشاهد من نص «الفرسان»، وهنا يروي أحد الممثلين، الجرحى، كيف قطعت رجلاه.
في إيطاليا سيلعب الفريق أجزاء من مسرحية كارلو غولودوني «خادم سيدين»، وهنا سيحكي الممثل مأساة مخيم اليرموك وهجرة الفلسطينيين المضاعفة.
في رحلتهم الإسبانية سيستعير الممثلون من حكايات «دون كيشوت»، وفي بريطانيا «حلم ليلة صيف»، وفي ألمانيا «فاوست» لغوته، وفرنسا سيستلهمون شخصية طرطوف لموليير. هنا ستتحدث امرأة عن محنة الاغتصاب في المعتقل، وهذه واحدة من أبرز حكايات العرض، إذ يتم تسليط الضوء ليس فقط عن التعذيب والاغتصاب في سجون النظام السوري، بل وكذلك كيف يتصرف المجتمع إزاء من تعرضن للاغتصاب بعد خروجهن. هكذا إلى أن يختتم العرض بمشهد العاصفة من مسرحية «الملك لير»، فيما يواجه مركبهم عاصفة بحرية عاتية.
يقول المخرج إن العرض يبدأ بسبعة ممثلين يتناقصون إلى أن يغرق المركب نهائياً. وسيقدم في الخامس عشر من آذار (ذكرى انطلاقة الثورة السورية) في المركز الثقافي الفرنسي في عمان، في عرض لا يقوم على محترفين بل هواة، بينهم أربعة جرحى، ومعتقل سابق، وعازف كمان سوري يعيش في الأردن.
راشد عيسى | القدس العربي