غرق المئات قبالة السواحل اليونانية.. معطيات جديدة تشكك بالرواية الرسمية

 

 

 

 

 

 

إثر غرق وفقدان مئات المهاجرين قبالة السواحل اليونانية، انكشفت معطيات جديدة حول ملابسات المأساة تشكك بالرواية الرسمية، وتثير الشكوك حول دور خفر السواحل اليوناني في انقلاب مركب صيد كان يحمل حوالي 750 مهاجرا، أبحروا من سواحل شرق ليبيا الأسبوع الماضي.

بعد مرور خمسة أيام على وقوع أحد أكثر حوادث الغرق مأساوية في البحر المتوسط، بدأت معطيات جديدة بالظهور تناقض تصريحات خفر السواحل اليوناني. وتواجه السلطات البحرية اتهامات بكونها تسببت بانقلاب مركب صيد يحمل حوالي 750 مهاجرا، وفقا لشهادات مهاجرين ومنظمات حقوقية.

بعد وقوع حادثة الغرق فجر الأربعاء 14 حزيران/يونيو، قالت السلطات إنها تمكنت من إنقاذ 104 مهاجرين وانتشال 78 جثة، فيما لا يزال المئات في عداد المفقودين. ويتحدر الناجون والضحايا بشكل رئيسي من سوريا ومصر وباكستان.

 

 

السلطات لم تصرّح على الفور باستخدام حبل لسحب مركب المهاجرين

يوم وقوع المأساة، ذكر بيان صحفي صادر عن رئيس الوزراء اليوناني أن خفر السواحل راقب القارب طوال يوم الثلاثاء من مسافة بعيدة. وفي فترة ما بعد الظهر، توجهت طائرة مروحية إلى المنطقة وتمكنت من تحديد موقع القارب، وبقيت على اتصال هاتفي به عبر الأقمار الصناعية. ثم في حوالي الساعة 10:40 مساء، اقترب خفر السواحل اليوناني مرة أخرى من القارب، لكن دون أن يتدخل، لخطورة الوضع. وبعد ثلاث ساعات، انقلبت السفينة رغم “المراقبة المستمرة” من قبل السلطات.

خلال الساعات التي تلت حادثة الغرق، اكتفت السلطات بالإصرار على تلك الرواية وأنها كانت تراقب قارب المهاجرين فقط، مشددة على أن الركاب رفضوا المساعدة لأنهم كانوا يريدون إكمال طريقهم إلى إيطاليا.

لكن يوم الخميس، تكشفت معطيات جديدة دفعت السلطات اليونانية إلى تغيير تصريحاتها، والاعتراف أخيرا بأنها تدخلت بشكل عملي، ولم يقتصر دورها على المراقبة فحسب.

ممثل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين وسط البحر الأبيض المتوسط، فنسنت كوشتيل، قال إن الناجين “أخبرونا بأن القارب انقلب أثناء مناورة” نفذها خفر السواحل اليوناني لسحب القارب. وبعد ذلك، سحب خفر السواحل السفينة “ليس باتجاه الساحل اليوناني” لإعادتها إلى الشاطئ، ولكن “خارج منطقة الإنقاذ البحرية اليونانية”.

زعيم الحزب اليساري SYRIZA ورئيس الوزراء السابق أليكسيس تسيبراس شارك أيضا معلومات جديدة بناء على مقابلات أجراها مع الناجين، قائلا “طلب خفر السواحل اليوناني من المهاجرين اللحاق بهم، لكنهم لم يتمكنوا من ذلك”، مضيفا “ألقت السلطات بعد ذلك بحبل، ولكن لأنهم لم يعرفوا كيفية سحب هذا الحبل، بدأت السفينة في التأرجح يمينا ويسارا”.

كان قارب خفر السواحل اليوناني يبحر “بسرعة كبيرة، وكانت سفينة المهاجرين تميل إلى اليسار”، بحسب تسيبراس، الذي أضاف “هكذا غرقت السفينة”.

لم تذكر السلطات اليونانية أنها استخدمت الحبل بداية، لكنها يوم الجمعة 16 حزيران/يونيو، غيرت روايتها للوقائع إلى حد ما. وصرّح المتحدث باسم خفر السواحل اليوناني، نيكوس أليكسيو، في لقاء على تلفزيون “إي آر تي” اليوناني بأن خفر السواحل “استخدم حبلا للتثبيت، والاقتراب لمعرفة ما إذا كان [الركاب] يريدون المساعدة”.

 

السلطات تدّعي بأن المهاجرين أكملوا طريقهم إلى إيطاليا

 

أصر المسؤول اليوناني نيكوس أليكسيو على أنه لكن لم تكن هناك محاولات لإيقاف القارب، مضيفا أن المهاجرين قالوا “لا نريد مساعدة، نحن ذاهبون إلى إيطاليا”، واستمروا في طريقهم.

بحسب تحليل للبيانات نشرته قناة “بي بي سي”، تشير المعطيات التي تستند على حركة السفن الأخرى التي كانت تبحر على مقربة من موقع الحادثة، إلى أن مركب المهاجرين لم يتحرك لمدة سبع ساعات على الأقل قبل انقلابه.

بناء على المعطيات المتوافرة، يمكن متابعة الخط الزمني للأحداث:

–         8:00 بتوقيت جرينتش (11:00 صباح الثلاثاء): اكتشفت مروحية تابعة لوكالة حرس الحدود الأوروبية “فرونتكس” القارب وأبلغت السلطات اليونانية.

–         12:15 بتوقيت جرينتش (03:15 مساء الثلاثاء): اتصل المهاجرون بمنصة “هاتف الإنذار” لطلب المساعدة.

تشير المنصة المستقلة التي تدعم المهاجرين، إن الركاب كانوا يطلبون المساعدة وكانوا أيضا خائفين من أن يعترضهم خفر السواحل اليوناني ويدفعهم بعيدا.

–         بعد ذلك بساعتين اقتربت سفينة تجارية “Lucky Sailor” من القارب بناء على أوامر من خفر السواحل اليوناني لإعطائها الطعام والماء.

–         3:20 مساء بتوقيت غرينتش (6:20 مساء): أبلغ ركاب السفينة منصة “هاتف الإنذار” أن قبطان السفينة قد هرب في زورق صغير.

–         3:30 مساء بتوقيت غرينتش (6:30 مساء)، رصدت مروحية خفر السواحل اليوناني القارب وقالت إنه يواصل طريقه.

 

 

من الساعة 12:30 بتوقيت جرينتش (3:30 مساء) إلى الساعة 6:00 مساء بتوقيت جرينتش (9:00 مساء)، كرر اليونانيون الاتصالات الهاتفية مع سفينة الصيد عبر الأقمار الصناعية. في كل مكالمة، كرر المهاجرون باستمرار رغبتهم في الإبحار إلى إيطاليا وعدم رغبتهم في الحصول على مساعدة من اليونان. في كل مرة أكد خفر السواحل أن القارب يبحر بسرعة منتظمة.

في الساعة 6 مساء بتوقيت غرينتش (9 مساء)، تدخلت سفينة تجارية أخرى “Faithfull Warrior”، لتزويد القارب بالوقود في الموقع نفسه تقريبا. مما يوحي بأن القارب لم يتحرك.

بين الساعة 7:40 مساء بتوقيت غرينتش (10:40 مساء) والساعة 10:40 مساء بتوقيت جرينتش (1:40 صباحا)، ادعى المسؤولون اليونانيون (في البداية) أن القارب حافظ على “مساره وسرعته الثابتة”، وأن السلطات راقبتها “بحذر”.

لكن عند الساعة 11 ليلا بتوقيت غرينتش (2:00 صباحا): غرق القارب في غضون 15 دقيقة (وذهب عدد كبير من القوارب التجارية إلى مكان الغرق).

 

السلطات تدّعي أنها لم تتدخل لأن المهاجرين لم يطلبوا مساعدات

 

المتحدث باسم خفر السواحل اليوناني قال بما أن السفينة “لم تطلب المساعدة، لم نتمكن من التدخل”. مضيفا أن “تغيرا مفاجئا في الوزن يرجح أن يكون سببا لانقلاب القارب ثم غرقه”.

خبير الحوادث البحرية الدولية نيكوس سبانوس قال في لقاء على تلفزيون “إي آر تي” اليوناني، “لا يُسأل الأشخاص على متن قارب عائم عما إذا كانوا يريدون المساعدة […]، كان ينبغي أن تكون هناك مساعدة فورية”.

وكانت طائرة استطلاع من “فرونتكس” التي رصدت القارب بعد ظهر الثلاثاء، قالت إنها لم تتدخل لأن الركاب “رفضوا المساعدة”. لكن ذلك دفع رئيسها هانز ليجتنز للتوجه إلى مدينة كالاماتا اليونانية، و”فهم ما حدث بشكل أفضل لأن فرونتكس لعبت دورا” في حطام السفينة “الرهيب”، حسب تعبيره.

 

 

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى